أخبر شخص عبده الذي لا يذعن بعبوديّته ، بأنّي اعاقبك على عدم اعترافك بالعبودية ، وعلى مخالفة سائر ما أمرتك به ، فمتى احتمل صدق ذلك الشخص ، وأنّه على تقدير كونه سيّده يعاقبه على مخالفته ، لا يبقى له عذر في مخالفته بعد استقلال العقل بوجوب دفع العقاب المحتمل ، وعلمه بأحكام ذلك الشخص الذي يدّعي أنّه سيّده ، ولا يقبح على السيّد أيضا عقابه بعد أن بيّن له أحكامه وأمره بإزالة جهله ، وأنّه على تقدير الترك يؤاخذه كما هو واضح.
قوله قدسسره : امّا الكلام في مقدار الفحص ... الخ (١).
أقول : مقدار الفحص يتفاوت بالنسبة إلى الأدلّة الدالّة على وجوبه ، فإن اعتمدنا فيه على العلم الإجمالي بثبوت التكليف فيما بأيدينا من الأدلّة ، فحدّه الفحص إلى أن يحصل الجزم بعدم دليل مثبت للتكليف في أطراف الشبهة ، بحيث يندرج المورد في الشكوك الابتدائية ، التي هي مجرى البراءة.
وإن اعتمدنا على الإجماع ونحوه من الأدلّة المجملة ، فغاية مفادها وجوب الفحص إلى أن يظنّ بعدم الدليل.
وإن استندنا إلى حكم العقل بوجوب الفحص ، وعدم معذورية الجاهل المكلّف المتمكّن من الاستعلام ، فحدّه إلى أن يظهر له العجز ، ويكون فيما زاد عليه مشقّة منفية بعمومات نفي الحرج ، الواردة على حكم العقل بوجوب الفحص.
وإن عوّلنا على الأخبار ، وقلنا بدلالتها على الوجوب مطلقا ، فحدّه لزوم الحرج ، لحكومة أدلّة نفي الحرج على المطلقات المثبتة للتكاليف.
وإن بنينا على جميع الأدلّة ، وجب الأخذ بمقتضيات الجميع كما لا يخفى.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣١١ سطر ٣ ، ٢ / ٤٤٧.