لا يعمّها عمومات التكاليف ، فلا مصلحة فيها كى يصحّ أن يتدارك بها الضرر.
ففيه : ما عرفت من أنّ دليل نفي الضرر لا يدلّ إلّا على رفع الحكم الضررى ، أى الإلزام بتحمّل الضرر ، وهذا لا ينافى ثبوت ما يقتضيه ، أى المصلحة المقتضية للتكليف.
وإن أراد به أنّ المصلحة المقتضية للحكم الثابت بالعمومات ليست صالحة لأن يتدارك بها الضرر ، بحيث يمنعه عن صدق اسمه واندراجه في موضوع دليل نفي الضرر الحاكم على العمومات ، فهو حق صريح لا معدل عنه.
قوله قدسسره : إلّا أنّ الذي يوهن فيها هي كثرة التخصيصات فيها ... الخ (١).
أقول : لا بدّ أوّلا من تشخيص مصاديق الضّرر عرفا حتّى يتشخّص موارد التخصيص عن غيرها فيستكشف به حقيقة الأمر.
فأقول : لا شبهة في أنّ شراء شيء بثمن مثله ودفع الثمن إلى البائع ، وكذا إعطاء كلّ حقّ إلى مستحقّه لا يعدّ في العرف ضررا ، فكلّ حكم شرعي ينطبق على شيء من هذه الامور لا يعدّ حكما ضرريا ، فحكم الشارع بوجوب الخروج عن عهدة حقوق الناس ليس حكما ضرريا ، سواء كان الحقّ ماليّا كالدين ، أو لا كوجوب الإنفاق على زوجته وأولاده وخدمه ومواشيه ، فإنّ الاستحقاق في مثل هذه الموارد ثابت عرفا ولو لم يكن حكم شرعي ، ألا ترى أنّ أهل العرف يرون ترك الإنفاق على الزوجة والأولاد وغيرهم بمن يتعلّق به ظلما في حقّهم ، فحكم الشارع ليس إلّا إمضاء لحكمهم ، كما أنّ حكمه بغرامة المتلفات أيضا ليس إلّا كذلك ، حيث أنّ إتلاف مال الغير في العرف أيضا كالشرع من أسباب اشتغال الذمّة بما هو الأقرب إلى
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣١٦ سطر ٣ ، ٢ / ٤٦٤.