التالف فالأقرب من المثل أو القيمة.
نعم ، مثل وجوب الخمس والزكاة يعدّ حكما ضرريا لدى العرف في بادئ الرأي ، إلّا أنّ أدلّتها واردة على دليل نفي الضّرر ، فانّها تدلّ على ثبوت الاستحقاق لأربابها ، فبعد بيان الشارع استحقاقهم يكون أربابها كسائر الدّيانين بحكم العرف ، فيخرج عن كونه حكما ضرريا.
وبما ذكرنا ظهر لك أنّه لو أمر الشارع بوجوب تنظيف الثوب والبدن من الأوساخ ، على وجه يتعارف حصوله عند أهل العرف ، ولا يعدّون بذل المال في تحصيله ـ لو توقّف عليه ـ سرفا وتضرّرا ولا يعدّ مثل هذا الحكم من الشارع حكما ضرريا ، لأنّها امور متعارفة عند العقلاء ، ولا يعدّون من يرتكبها في أعداد المتضرّرين.
نعم ، أمر الشارع بإزالة ما لا يرونه قذرا حكم ضرري ، لو توقّف على صرف المال ، إلّا أنّه بعد أن بيّن الشارع قذارة شيء لم يكن يدرك قذارته عقولهم ، يخرج هذا الفرض أيضا ـ مثل مسألة الخمس ـ عن كونه ضرريا ، بمعنى أنّ هذا الدليل وارد على دليل نفي الضرر ، فلا يبقى له مورد بعد أن علم قذارته ببيان الشارع ، فيكون حينئذ كسائر القذارات التي يقدم العقلاء على إزالته ، ولا يعدّون صرف المال في تحصيله خسارة وتضررا ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون القذارة المختفية أمرا حسيّا ـ كما في القذارة الخبثية ـ أم غير حسّي ـ كما في الحدثية ـ فمثل ، اجرة الحمامي للغسل وشراء الماء بثمن مثله للوضوء لا يعدّ عرفا ضررا ، بعد أن علموا تأثير أسباب الحدث في النفس بما لا يرتفع أثره إلّا باستعمال الطهور.
نعم ، لو توقّف تحصيل الماء في مورد خاص على خسارة خارجة عمّا يتوقّف تحصيله عليه عرفا وعادة ، كما لو توقّف على ضياع شيء منه ، أو سرقة مال ولو يسير ، يعدّ مثله ضررا في العرف ، وإقدام العقلاء على مثله أحيانا لتحصيل