مقاصدهم ، مع علمهم بترتّبه على فعلهم ، لا يخرجه عن كونه ضررا ، إذ ربّما يقدم العاقل على ضرر لأجل مقصد أهمّ بنظره من التحرّز عن هذا الضرر.
ونظير الأمر بإزالة الحدث والخبث ، كل تكليف ثبت في الشريعة لأجل غاية ملحوظة عند العقلاء في امور معاشهم ، بحيث يبذل في تحصيلها المال كما هو ظاهر.
وإذا أحطّت خبرا بما فصّلناه ، وتأمّلت في الموارد التي يتوهّم منافاتها لعموم «لا ضرر» يظهر لك أنّ أكثرها من قبيل الورود أو الحكومة ، وأنّه قلّما يبقى مورد يكون من باب التخصيص المنافي للعموم.
نعم ، الأحكام الضّررية كثيرا ما ممضاة شرعا ، ولكن منشأها عموم «لا ضرر» كما في مورد تعارض الضّررين في بعض الصور ، والله العالم.
قوله قدسسره : فحكموا بشرعيّة الخيار للمغبون ... الخ (١).
أقول : بيع المغبون فيه لا ينفكّ عن الضّرر الشخصي ، لأنّ بذل المال بأقلّ من ثمن مثله هو في حدّ ذاته ضرر دائما ، إلّا أنّ العاقل ربّما يقدم عليه ـ كما في الأمثلة المفروضة ـ للتحرّز عن ضرر أعظم ، فيكون ارتكابه من باب أقلّ الضررين ، كما لا يخفى.
قوله قدسسره : كما إذا لم يترتّب على ترك الشّفعة ضرر على الشفيع ... الخ (٢).
أقول : ولكن في كون مستند خيار الشفعة في مثل الفرض ـ بل مطلقا ـ دليل نفي الضّرر تأمّل بل منع ، والله العالم.
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣١٦ سطر ١٥ ، ٢ / ٤٦٦.
(٢) فرائد الاصول : ص ٣١٦ سطر ١٧ ، ٢ / ٤٦٦.