الاجتناب عنه» كبرى لقوله «هذا مظنون الخمريّة» مع أنّ كبراها على ما يقتضيه لسان دليل الطريق «وكلّ مظنون الخمرية خمر بحكم الشارع» ، ثمّ ينضمّ إلى هذه النتيجة كبرى اخرى شرعية وهي «كلّ خمر يجب الاجتناب عنه» ، فينتج وجوب الاجتناب عن متعلّق الظنّ.
ويمكن الذّب على المناقشة : بأنّ مفاد ظاهر دليل الجعل وإن كان ما ذكر ، إلّا أنّ الجعل انّما يتعلّق بالشيء بلحاظ آثاره ، فقولنا «صدق العادل في إخباره بأنّ هذا بول» وإن كان معناه الأوّلي اثبات وجود البول بقوله ، إلّا انّه بعد أن علم أنّ إيجاب تصديقه بمعنى الإذعان بقوله ، أو البناء على ثبوته بلحاظ آثاره الغير المجعولة ، غير معقول [أن] ينزل الكلام على إرادة تصديقه بلحاظ ترتيب آثاره المجعولة ، فقوله «صدّق العادل في إخباره بأنّه بول» وإن كان في بادئ النظر الأمر بالبناء على أنّه بول ، إلّا أنّه عند التحليل يئول إلى إيجاب ترتيب آثار البول على المخبر عنه لا غير.
هذا ، مع أنّ المناقشة الاولى ناشئة عن الغفلة عن فهم الحكم في المقام ، وتخصيصه بغير الوصف العنواني ، مع انّ المقصود بالحكم في قولنا «الوسط واسطة في اثبات حكم الأصغر له» أنّ به يثبت مفهوم المحمول الذي هو الأكبر لذات الموضوع الذي هو الأصغر ، فقولنا «هذا خمر» مثلا معناه أنّ الذات المشار إليها مندرجة تحت مفهوم الخمر ، فيصير المفهوم أثرا من آثار الذّات ، وعنوانا من عناوينها ، ومن المعلوم أنّ إثبات اتصاف المشار إليه بهذا الحكم يحتاج إلى وسط ، كقولنا «هذا الشيء مسكر مائع ، وكلّ مسكر مائع خمر» فقولنا «هذا مظنون الخمرية ، وكلّ مظنون الخمرية خمر بحكم الشارع» كالمثال المتقدّم برهان لإثبات الأكبر للأصغر ، ومعنى كونه خمرا بحكم الشارع ، التعبّد بعدم الاعتناء باحتمال خطأ الظنّ ، والبناء على كون الشيء مصداقا لمفهوم الخمر.