كالكذب ممّا يمكن أن يرتفع قبحه بعروض جهة محسّنة له ، مكافئة لما يقتضيه من القبح ، لكن نقول بأنّ العقل مستقلّ في المثال بقبحه ، ضرورة عدم صلاحيّة العنوان الحسن الذي لم يقصده الفاعل في رفع صفة القبح ، عن فعل اختياري قبيح كالكذب ، المصادف لمصلحة راجحة غير مقصودة للفاعل ، أو الضرب بقصد الإيذاء والإهانة الذي قارنه التأدّب.
قوله قدسسره : ولم يعلم معنى محصّل لهذا الكلام (١).
أقول : ولعلّ غرضه من التداخل ، اجتماع العنوانين في التأثير مع وحدة الأثر ، كما تقول «لو وقع في البئر شاة وخنزير دفعة يتداخل مقدارهما» ، فلا يتوجّه على هذا التفسير لزوم الترجيح من دون مرجّح ، أو الالتزام بزيادة العقاب ، ولكن يتوجّه عليه أنّ اجتماع السببين لا يمنعهما عن تأثير كلّ منهما مستقلّا ، والمحلّ قابل للتأثير ، فيجب حصول أثريهما كسائر العناوين المحرّمة المتصادقة على موضوع واحد ، هذا كلّه بناء على كون معلوم الحرمة ، بنفسه موضوعا للحرمة الشرعية في عرض الواقع ، فيكون الحرام المعلوم مصداقا لكلا العنوانين.
وامّا لو قلنا بأنّ معلوم الحرمة ليس موضوعا للحرمة الشرعية ، وإنّما هو نفس متعلّقه لا غير ، وإنّما يحسن عقاب المتجرّي لا لارتكابه محرّما شرعيا ، بل لأجل كون التجرّي بحكم المعصية ، فلا يعقل اجتماعه مع المعصية الحقيقية ، حتّى يستحق عقابين ، فهو إمّا متجرّ أو عاص ، فلا يعقل تعدّد العقاب حتّى يقال بالتداخل أو عدمه ، كما هو ظاهر.
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٧ سطر ٧ ، ١ / ٤٥.