وعدمه ، وإلّا فالمدار في التعارض إنّما هو بأن يكون الخبران لدى العرف على وجه لو سمع أهل العرف نظيرهما ، ممّن يجوّزون في حقّه الخطأ أو المناقضة بين كلماته ، لعدّوهما من الأخبار المتناقضة. ومن هنا فقد يتّجه الحكم بخروج الأخبار المعارضة بالعموم والخصوص من وجه ـ كالعام والخاص المطلق ـ عن موضوع الاخبار المتعارضة ، كما سيأتي لذلك مزيد توضيح في محلّه إن شاء الله.
قوله قدسسره : انحصر وجه الجمع في التبعيض فيهما من حيث التصديق ... الخ (١).
أقول : ليس المراد بقاعدة «الجمع مهما أمكن أولى من الطرح» الإمكان الذّاتي ، بل الإمكان الوقوعي ، فإمكان الجمع بهذه الكيفية ، بل وكذا بسائر الكيفيات ، موقوف على الأمرين.
أحدهما : احتمال صدق كلّ من المتعارضين في الجملة ، وعدم مخالفته للواقع رأسا ، فالدليلان المعلوم إجمالا كذب أحدهما خارجان عن موضوع هذه القاعدة ، إذ لا يعقل الأمر بتصديق ما علم كذبه.
نعم ، في تبيين المتعارضين المعلوم إجمالا كذب إحداهما ، يمكن الالتزام باندراجهما في موضوع هذه القاعدة ، بناء على اعتبارهما من باب السببية ، وعدم كون العلم الإجمالي بكذب أحدهما مانعا عن وجوب تصديق كلّ منهما مع الإمكان ، كما لعلّه هو الأقوى بالنسبة إلى الحاكم في مقام فصل الخصومات.
اما الثاني : أن يكون الجمع محتمل الإصابة ، فالجمع المعلوم مخالفته للواقع جمع غير ممكن ، فالحكم بأنّ قيمة نصف هذا الشيء كذا عملا بقول أحد
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤٣٧ سطر ٦ ، ٤ / ٣٠.