الاستصحاب بكونه من قبيل الشكّ في المقتضي ، وهو ليس بحجّة كما تقدّم تحقيقه فيما سبق.
قوله قدسسره : وبعض المعاصرين رحمهمالله استجود هنا كلام العلّامة قدسسره (١).
أقول : كان مستنده فيما استجوده هنا من التخيير الاستمراري ، دعوى استفادته من إطلاق بعض الأخبار الدالّة عليه ، الواردة في تعارض الخبرين ، فيتّجه حينئذ منعه عن العدول عن مجتهد إلى آخر ، وعن امارة إلى اخرى من الامارات ، التي لم يرد فيها دليل لفظي دال على التخيير بينها لدى المعارضة ، بل فهم ذلك بالنسبة إليها من إجماع ونحوه من الأدلّة القاصرة عن إثباته في ابتداء الأمر ، فمراده من الامارات التي منع من العدول عنها إلى امارة اخرى ما عدا الأخبار ، والله العالم.
قوله قدسسره : لأنّ مأخذ التخيير إن كان هو العقل ... الخ (٢).
أقول : ملخّصه إنّه إن كان مستند الحكم بالتخيير العقل ، فالعقل ـ على تقدير حكمه به ، كما لو كان اعتبارهما من باب السببيّة ، أو من باب الطريقيّة ـ بعد أن علم بدليل خارجي أنّه يجب العمل بأحدهما في الجملة ، فانّما يحكم به بعد إحراز تكافئهما ، وعدم اشتمال شيء منهما على شيء من المزايا التي اعتبرها الشارع مرجّحا لبعضها على بعض ، إمّا بالعلم أو ما قام مقامه من الأمارات المعتبرة شرعا ، فلا يستقل به قبل الفحص عن تلك المرجّحات.
ولا يصحّ إحراز عدمها باجراء اصالة العدم ، فانّها مع أنّها لا تجري إلّا بعد الفحص ، لا تجدي في إثبات تكافؤهما وخلوّهما عنها في الواقع ، كي يستقلّ العقل
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤٤٠ سطر ٢٥ ، ٤ / ٤٤.
(٢) فرائد الاصول : ص ٤٤١ سطر ٨ ، ٤ / ٤٥.