بحكمهما ، إذ لا اعتداد بالاصول المثبتة ، فلاحظ وتدبّر.
قوله قدسسره : ومرجع التوقّف أيضا إلى التخيير (١).
أقول : يعني بعد أن علم من الخارج ـ ولو بواسطة الأدلّة السّمعية ـ أنّ الحكم في الخبرين المتعادلين هو التخيير ـ سواء كان اعتبارهما من باب السببية أو الطريقية ، لا الاحتياط ـ أو الرجوع إلى الأصل المطابق لأحدهما ، فالفرق بين التخييرين أنّه على الأوّل واقعي وعلى الثاني قاعدة عملية يرجع إليه المتحيّر بعد تكافؤ الدليلين وتساقطهما ، من حيث جواز العمل بكلّ منهما في خصوص مؤدّاه.
قوله قدسسره : وإنّما يحكم بالتخيير بضميمة أنّ تعيين أحدهما ... الخ (٢).
أقول : الحكم بالتخيير في الواجبين المتزاحمين ـ كما سيصرّح به المصنّف رحمهالله في ذيل العبارة ـ لا يتوقّف على هذه المقدّمة ، كي يتوقّف العقل عن حكمه عند الشكّ في المرجّح ، إذ كما يستفيد من إطلاق وجوبهما وعدم اشتراطهما ـ إلّا بالقدرة العقلية ـ عدم جواز طرح كليهما ، كذلك يستفيد منه وجوب الإتيان بكلّ منهما في حدّ ذاته ، وصيرورته معذورا بفعله في ترك امتثال الآخر ، حيث أنّ كلّا منهما من حيث هو مقدور ، فيجب الإتيان به ، ومعه يمتنع فعل الآخر ، فيقبح العقاب عليه ، وهذا هو مناط حكومة العقل بالتخيير ، ومرجعه لدى التحليل إلى معذورية المكلّف في مخالفة أحدهما الذي عجز عن الخروج عن عهدته ، وهو ما عدا ما اختار فعله امتثالا لأمره.
والمصحّح لجواز إخبار كلّ منهما ، المستلزم لعجزه عن امتثال الآخر ، إطلاق طلبه المفروض عدم اشتراطه إلّا بالقدرة العقلية ، إذ لو وجب عليه اختيار أحدهما
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤٤١ سطر ٢٥ ، ٤ / ٤٨.
(٢) فرائد الاصول : ص ٤٤٢ سطر ٧ ، ٤ / ٤٩.