لا يقصر عن شمول حدّ المتعارضين الغير المعلوم مخالفته للواقع ، فيستفاد منها عدم جواز طرح المتعارضين رأسا وفرضهما كالعدم ، بل وجوب تصديق أحدهما على سبيل الإجمال والإبهام ، أي الالتزام بعدم خروج الواقع عن مؤدّى كلا الخبرين ، لا التعبّد بصدق أحدهما عينا أو تخييرا كما عرفته بحقيقته فيما سبق ، وعلمت أنّ هذا هو الحقّ ، ولذا التزمنا بأنّ الأصل في الخبرين المتعارضين هو التوقّف ، والرجوع إلى الأصل الموافق لأحدهما ، لا التساقط أو التخيير.
فالذي يقتضيه التحقيق ، بناء على ما اخترناه من أنّ الأصل فيهما التوقّف والرجوع إلى الاصول الموجودة
في تلك المسألة ، عدم الاعتناء بمزية لم يثبت اعتبارها ، إذ لا يجوز رفع اليد عمّا يقتضيه الاصول بمزية غير ثابتة الاعتبار.
قوله قدسسره : استقلّ العقل عند التزاحم بوجوب ترك غيره (١).
أقول : أي بوجوب اختيار الأهم ، المستلزم لترك غيره ، وإلّا فلا يصير فعل الغير الأهمّ منهيّا عنه لدى تنجيز التكليف بضدّه ، كما يوهمه ظاهر العبارة على ما تقرّر في محلّه.
قوله قدسسره : وكذا لو احتمل الأهميّة في أحدهما ... الخ (٢).
أقول : قد سبق آنفا أنّ احتمال الأهميّة لا يكفي في تعيينه ، فراجع.
قوله قدسسره : وما نحن فيه ليس كذلك قطعا (٣).
أقول : كون الأخبار طريقا ظنّيا للوصول إلى الأحكام الواقعيّة ، إن لم يكن
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤٤٣ سطر ١٦ ، ٤ / ٥٢.
(٢) فرائد الاصول : ص ٤٤٣ سطر ١٧ ، ٤ / ٥٣.
(٣) فرائد الاصول : ص ٤٤٣ سطر ١٧ ، ٤ / ٥٣.