هو السبب التام للأمر بسلوكها ، فلا أقلّ من مدخليته في ذلك ، أو سببيّته لتأكّد المصلحة المقتضية للأمر به ، فكيف يصحّ مع ذلك دعوى القطع بأنّ المزايا الموجبة لأقربية أحدها إلى الواقع غير موجبة لتأكّد طلبه ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : إلّا أن يرد عليه إطلاقات التخيير ... الخ (١).
أقول : بعد فرض الإطلاق لأدلّة التخيير ، لا يستقيم الأصل الثانوي الذي أصّله ، إذ المرجع حينئذ لدى الشكّ في جواز العمل بالمرجوح اصالة الإطلاق لا الاصول العملية ، فلا يرفع اليد عنه إلّا أن يدلّ دليل على وجوب الترجيح بالمزيّة الموجودة في أحد الخبرين ، فيرفع اليد عمّا يقتضيه اصالة الإطلاق بمقدار دلالة الدليل المقيّد ، وفي موارد الشكّ يعمل بأصالة الإطلاق ، وفي الشبهات المصداقيّة يرجع الى الحكم العام بناء على جواز التمسّك بالعموم والإطلاق في الشّبهات المصداقية ، والاقتصار في التقييد والتخصيص على المخصّص المعلوم ، وإلّا فإلى الاصول العملية كما هو التحقيق.
قوله قدسسره : ومرجع الأخير إلى أنّه لو لا الإجماع ... الخ (٢).
أقول : سوق الاستدلال وإن اقتضى ذلك ، وكون تسليمه عدم الترجيح في البيّنات للدليل الذي ذكره فارقا بين المقامين وهو الإجماع ، إلّا أنّ الغرض المستدلّ بحسب الظاهر ، إثبات وجوب الترجيح في المقلّد وجوبا لا بعدمه في البيّنة ، فانّه لم يدّع الإجماع على العدم في البيّنة حتّى يستدلّ به ، بل احتمل كونه مذهب الأكثر ، فكأنّه قال حيث لا إجماع على الترجيح في البيّنة ، فلا مقتضى له ، بخلاف ما نحن فيه
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤٤٣ سطر ٢٤ ، ٤ / ٥٣.
(٢) فرائد الاصول : ص ٤٤٤ سطر ٧ ، ٤ / ٥٤.