تعليق على جملة
(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
واستطراد إلى السنّة النبوية القولية والفعلية
وهدفها وواجب المسلمين نحوها
والمتبادر أن هذه الجملة لا تعني تبليغ الناس ما ينزل على النبي صلىاللهعليهوسلم من قرآن فقط ، بل تعني أيضا توضيح وتفسير وشرح ما قد يكون في حاجة إلى ذلك من القرآن. وفي هذا إيذان رباني بأن الله سبحانه يعلم استعداد رسوله لذلك ، وأن ذلك كان من أسباب اصطفائه لرسالته ، وأن ما يثبت عنه من ذلك واجب الاتباع كما هو شأن القرآن. وقد أيدت هذا المعنى بصراحة هذه الجملة : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) في آية سورة الحشر السابعة. وهناك آيات عديدة أخرى فيها تأييد لذلك فيما هو المتبادر مثل آيات سورة النساء هذه : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) (١٤) ، وآية سورة النساء هذه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (٥٩) ، وآية سورة النساء هذه : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (٨٠) ، وجملة : (فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) في آية النساء [٥٩] مهمة في هذا الباب. فواجب المسلمين إذا اختلفوا في أمر أن يرجعوا فيه إلى القرآن الذي يمثل الله عزوجل فإن لم يجدوا فيه نصا حاسما محكما وجب عليهم الرجوع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم في حياته وسنّته القولية والفعلية الثابتة بعد موته. ومخالفة ذلك خروج من ربقة الإسلام ، وينطوي في هذا تقرير كون بيان الرسول وسنته حاسمين فيما ليس فيه حكم قرآني حاسم ومحكم.