تعليقات على سلسلة آيات مشاهد
قدرة الله ونواميسه في الكون
والآيات معقبة على سابقاتها بقصد البرهنة على عظمة الله وقدرته والتنبيه على نواميسه في خلقه وكونه. فهي استمرار للسياق والموضوع السابقين. وهي من أوفى السلاسل القرآنية الجامعة الرائعة في بابها.
وقد جاءت بأسلوب تتناوله أفهام الناس على اختلاف طبقاتهم ويتسق مع الآثار المحسوسة المماثلة والواقعة تحت مشاهدتهم. والنهايات التي انتهت بها كل آية مثل (يتفكرون. ويسمعون. ويعقلون. والعالمين) تدل على أنها موجهة إلى القلوب والعقول معا. وبخاصة إلى الطبقة التي عندها شيء من العلم بالأمور وفي قدرتها التدبر والتعقل والتفكر لتذكرها بمسؤوليتها الناتجة عن ما وهبها الله من عقل وفكر وعلم وتهيب بها إلى الانتفاع بكل ذلك وترى ما في كون الله ومشاهد خلقه من آيات العظمة والقدرة والاستحقاق للعبادة والخضوع فتستجيب إلى دعوته ولا تقف موقف المكابرة والمماراة والعناد.
ولقد مرّ في سورة فاطر آية في مثل هذا السياق تقرر أن العلماء هم الذين يخشون الله لأن علمهم يجعلهم بالدرجة الأولى يدركون ذلك. وعلقنا على ما تضمنته من مدى وتلقين مستمر المدى. ونبّهنا على ما في مثل هذه المقاطع في الآيات التي نحن في صددها وغيرها من تساوق وتدعيم لما قررناه في ذلك التعليق.
على أن هذا لا ينبغي أن يعني أن الآيات غير موجهة إلى غير هذه الطبقة. فروح الآيات تلهم أن كل إنسان عاقل راشد مكلّف بالتدبّر والتعقّل في آلاء الكون ونواميسه حتى يتبين له خلاله عظمة الله تعالى وقدرته. وكل ما يصح أن يكون هو أن تلك الطبقة تتحمل مسؤولية أشدّ في ذلك.
وما احتوته الآيات قد تكرر كثيرا في السور السابقة. وإن جاء هنا أجمع وأروع. ومردّ التكرار في هذه كمردّه في تكرار القصص والمواعظ والتنديد والإنذار