يدعوهم المشركون من دون الله. وكان عليهم أن يدركوا ذلك لو كانوا عقلاء.
تعليق على آية
(وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ)
وهذه الآية جديرة بالتعليق من حيث احتواؤها تنويها بالعلماء الذين يؤهلهم علمهم لفهم الأمور والأمثال والاتعاظ بها. وقد تكرر هذا المعنى في آيات كثيرة في سور سابقة حيث ينطوي في ذلك توكيد التنويه من جهة ، وحثّ الناس على توسيع حدود معارفهم من جهة ، وتبيين مسؤولية العلماء وواجبهم في تدبّر مختلف الشؤون وتبيينها للناس من جهة ، والوقوف منها عند حدود ما يقتضيه الحقّ والعلم من غير تجاوز ولا تغافل من جهة.
وإطلاق الفصل يدل على أن كل ذلك شامل لمتنوع مراتب وصفات العلم والعلماء بحيث يشمل شؤون الدين والدنيا معا كما هو المتبادر.
ولقد جاء في سورة فاطر تنويه بالعلماء ، وعلقنا عليه تعليقا وافيا فنكتفي هنا بما تقدم.
ولقد روى البغوي في سياق هذه الآية بطرقه حديثا عن جابر أن النبي صلىاللهعليهوسلم تلا هذه الآية فقال : «العالم من عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه». وهذا الحديث لم يرد في كتب الأحاديث الصحيحة. ولا نرى فيه إذا صحّ ما ينتقض مع ما قلناه من شمول الكلمة من حيث إن العالم الحق مهما كان العلم الذي يشتغل فيه لا بد من أن يدرك من آيات الله تعالى المتنوعة في كونه ومن آيات القرآن وجوب وجود الله والإيمان به وبرسالة خاتم رسله وبوجوب طاعته واجتناب ما يسخطه.
(اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ (٤٥)) [٤٥]