علي بن أبي طالب جاء فيه : «لو لا البداء لحدثتكم بما هو كائن إلى يوم القيامة» ويسوقون قولا لموسى بن جعفر وهو «البداء ديننا ودين آبائنا» (١).
ويظهر أنهم رأوا في تسويغ البداء على الله تعالى سندا لدعوى من دعاويهم وهوى من أهوائهم. وليس في آية الرعد ما يصحّ أن يكون سندا لزعمهم وكل ما في الأمر أن فيها سندا لنسخ أمر ما بأمر آخر حسب مقتضى حكمة الله وتوقيتها مع إحاطة علم الله بكل ما كان ويكون أولا وآخرا. وليس لما يروونه من كلام علي وموسى سند فضلا عما يبدو عليه من غرابة وزور ، والله تعالى أعلم.
تعليق على آية
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي
يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)
والآية تدل دلالة قاطعة على أنه كان يقيم في مكة أناس غير عرب ، والمتبادر من نسبة الكفار إليهم تعليم النبي أنهم كانوا على شيء من العلم بحيث كانوا مظنة تعليم النبي. ووجود فريق من أهل الكتاب والعلم في مكة مما أيدته آيات عديدة أخرى وحكى بعضها إيمانهم وخشوعهم على ما مرّ في تفسير سورتي الإسراء والقصص. ولقد ذكر المفسرون استنادا إلى روايات رووها أسماء عديدة للشخص المذكور في الآية ومن الأسماء عائش أو يعيش غلام حويطب بن عبد العزى وكان صاحب كتب وعلم ، وجبرا الرومي غلام عامر بن الحضرمي وكان يصنع السيوف ويقرأ التوراة والإنجيل فكان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا مرّ وقف عليه ليسمع ما يقرأ (٢) وبلعام وكان قينا ـ حدادا ـ نصرانيّا في مكة وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يدخل عليه على مرأى من المشركين (٣). وممن روى المفسرون أسماءهم في هذا الصدد سلمان الفارسي أيضا (٤). فكان هذا مما جعل المشركين على ما هو المتبادر يقولون ما قالوه هنا
__________________
(١) انظر كتاب الدكتور أبي زيد ص ٢٢ ـ ٢٤.
(٢) انظر تفسير الآيات في الطبري والزمخشري.
(٣) انظر تفسير الطبري.
(٤) انظر تفسير الطبري.