ومن الجدير بالذكر في هذا المقام وفيه دليل حاسم على جري عادة الله على نسخ وتعديل أحكام بأحكام من شرائعه موالاته إرسال الرسل بشرائع معدلة حسب مقتضى حكمة تغير الأحكام بتغير الأزمان. وقد أشير إلى هذا في القرآن. فجاء في سورة آل عمران في صدد رسالة عيسى عليهالسلام : (وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) [٥٠] وجاء في سورة الأعراف في صدد رسالة النبي صلىاللهعليهوسلم : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) [١٥٧] وفي سورة المائدة : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٦) و (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) [٤٨] فالقول بالنسخ في القرآن سائغ عقلا ونقلا كما هو واضح.
ولقد ذكرنا في مناسبات سابقة أقوال أهل التأويل والمفسرين في نسخ أحكام آيات عديدة في السور السابقة وعلقنا عليها بما نرجو أن يكون الصواب إثباتا ونفيا وسنفعل ذلك بالنسبة للسور الآتية إن شاء الله.
هذا ، وننبّه على أن الشيعة يسوغون النسخ ويسوغون أيضا البداء على الله تعالى استنادا إلى آية سورة الرعد المذكورة آنفا ثم استنادا إلى حديث يروونه عن