لا يتورعون عن العودة إلى شركهم بعد أن يكشف عنهم الضر ويبعد عنهم الخطر. وهذا المعنى قد تكرر في آيات عديدة مرّ بعضها. وقوة الإفحام والتنديد آتية من هذه الناحية في الدرجة الأولى. وينطوي في الآيات تقرير كون المشركين إذ يشركون مع الله غيره في الاتجاه والدعاء إنما يشركونهم على أنهم وسائل وشفعاء لديه وهو ما تكرر تقريره في آيات عديدة مرّ بعضها أيضا.
وهناك من قال إن النهي عن اتخاذ إلهين اثنين عنى ما كان معروفا من عبادة الفرس لإلهين هما إلهين النور وإله الظلمات أو إله الخير وإله الشر. لأنه ليس هناك ملة غيرها كانت تعبد إلهين فقط في ظروف نزول الآيات. فالمشركون كان لهم آلهة كثيرون يشركونهم مع الله ، والنصارى كانوا يقولون بالأقانيم الثلاثة ، واليهود كانوا موحدين وكل ما هناك أنهم أو أن منهم من كان يقول ببنوة العزير على ما جاء في آية سورة التوبة هذه : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) [٣٠] ، فنسجل ذلك دون القطع بصحته أو نفيه لأنه ليس هناك أثر وثيق متصل بالنبي صلىاللهعليهوسلم أو أصحابه في ذلك.
(وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (٥٦) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ (٥٧) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٥٩) لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٠) وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٦١)) [٥٦ ـ ٦١]
(١) أيمسكه على هون : يسأل نفسه هل يستبقيه حيّا على مضض واستهانة شأن.