الطبري عن عطاء بن يسار أن الآيات [١٨ ـ ٢٠] نزلت بالمدينة في علي بن أبي طالب والوليد بن عتبة بن أبي معيط «فقد كان بين الوليد وعلي كلام فقال الوليد أنا أبسط منك لسانا وأحدّ منك سنانا وأردّ منك للكتيبة. فقال علي اسكت فإنك فاسق ، فأنزل الله فيهما (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) إلى قوله (تُكَذِّبُونَ)». وروى هذا البغوي بدون عزو إلى راو وبشيء من المباينة هي أن الوليد قال لعلي اسكت فإنك صبي وأنا والله أبسط منك لسانا وأحدّ منك سنانا وأشجع منك جنانا وأملأ منك حشوا في الكتيبة ، فقال له علي : «اسكت فإنك فاسق» فأنزل الله : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) ولم يقل لا يستويان لأنه لم يرد مؤمنا واحدا وفاسقا واحدا.
وهذه الروايات لم ترد في كتب الأحاديث الصحيحة. والمفروض أن الوليد كان مسلما. والآية تقرر مأوى الفاسقين في النار خالدين فيها. وتنزّه عليا عن القذف بمسلم بصفة الفاسق الكافر. والإمعان في السياق يسوغ القول إن الآيات منسجمة مع الآيات السابقة بل والآيتين اللاحقتين سبكا وموضوعا كل الانسجام. وهذا ما يجعلنا نشكّ في الروايات. والله أعلم.
(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢)) [٢١ ـ ٢٢]
(١) العذاب الأدنى : العذاب القريب.
في الآيتين :
١ ـ إنذار رباني في صيغة التوكيد بأن الله سيصيب الكفار بالبلاء القريب قبل البلاء الأخروي الأكبر لعلّهم يتراجعون عن غيّهم وموقفهم.