مستديرا مع تماثيل وعجائب ، وفصّص سقوفه وحيطانه بألوان الياقوت وسائر الجواهر ، فلمّا فرغ من بنائه اتّخذ سليمان ذلك اليوم عيدا في كلّ سنة ، وجمع عظماء بني إسرائيل وأحبارهم فأعلمهم أنه بناه لله جلّ وعزّ ، وأن كلّ شيء فيه خالص لله ، ثم قام على الصخرة رافعا يديه إلى الله جلّ وعزّ وحمده ومجّده وقال : اللهمّ أنت قوّيتني على بناء هذا المسجد ، وأعنتني عليه ، وسخّرت لي الجنّ والشياطين والريح والطير ، اللهمّ أوزعني شكر نعمتك عليّ وعبادتك وأعنّي ، وتوفّني على ملّتك ، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني ، وهب لي ذلك ، اللهمّ إني أسألك لمن دخل هذا المسجد خمس خصال فاستجبها لي يا إله العالمين ، لا يطلبه مذنب بطلب التوبة إلّا غفرت له ذنبه وتبت عليه ، ولا يدخله خائف إلّا أمّنت روعته وخوفه ووقّيته شرّ ما يخاف ويحذر ، ولا يدخله سقيم إلّا وهبت له الشفاء والعافية ، ولا يدخله فقير يطلب من فضلك إلّا أغنيته ورزقته من حيث لا يحتسب من حلال رزقك ، والخامسة يا ربّ لا تصرف بصرك عمن يدخله حتى يخرج منه إلّا من أراد إلحادا وظلما يا ربّ العالمين.
ويقال : إن طول مسجد بيت المقدس ألف ذراع وعرضه سبع مائة ذراع ، وفيه أربعة آلاف خشبة ، وسبع مائة عمود ، وخمس مائة سلسلة نحاس ، ويسرج فيه كلّ ليلة ألف وستّمائة قنديل ، وفيه من الخدم مائة وأربعون خادما ، وفي كل شهر له مائة قسط زيت ، وله من الحصر في كلّ سنة ثمان مائة ألف ذراع ، وفيه خمسة وعشرون ألف حبّ للماء ، وفيه ستّة عشر تابوتاً للمصاحف المسبّلة ، وفيها مصاحف لا يستقلّها الرجل ، وفيه أربعة (١) منابر للمطوّعة وواحد للمرتزقة ، وله أربع (٢) مياضئ ، وعلى سطوح المسجد مكان الطين خمس (٣) وأربعون ألف صحيفة رصاص ، وعلى يمين المحراب بلاطة سوداء مكتوب فيها خلقة محمّد صلى الله عليه وسلم ، وفي ظهر القبلة في حجر أبيض كتابة بسم الله الرحمن الرحيم محمّد رسول
__________________
(١) في الأصل : أربع.
(٢) في الأصل أربعة.
(٣) في الأصل : خمسة.