وكان ابن عمر يقول : البصرة أسرع أرض الله خرابا ، وأخبثه ترابا. قيل : فما بال الكوفة؟ قال : يأتي الله بأمره إذا شاء.
وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول لتغرقنّ البصرة أو لتحرقن إلّا بيت مالها ومسجدها.
وقال عبد الله الضبعي : سمعت عليا عليه السلام يقول : ويحك يا بصرة لتغرقن أو لتحرقن حتى يرى بيت مالك ومسجدك كجؤجؤ سفينة (١).
وقال قتادة : لتحرقن البصرة وأهلها كثير. قيل له : وكيف ذلك؟ قال : يظهر منافقوها على مؤمنيها فيخرجون منها رجالا وركبانا. وأنشد لمحمد بن حازم :
ترى البصري ليس به خفاء |
|
لمنخره من النتن انتشار |
ربا بين الحشوش وشبّ فيها |
|
فمن ريح الحشوش به اصفرار |
يعتّق سلحة كيما يغالي |
|
به عند المبايعة التجار |
ولما افتتح أمير المؤمنين عليه السلام البصرة ارتقى منبرها فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال : يا أهل البصرة! يا بقايا ثمود ويا جند المرأة ويا أتباع البهيمة. رغا فاتّبعتم ، وعقر فانهزمتم. دينكم نفاق ، وأخلاقكم رقاق ، وماؤكم زعاق. يا أهل البصرة والبصيرة والسبخة والخريبة! أرضكم أبعد الأرض من السماء ، وأقربها من الماء ، وأسرعها خرابا وغرقا (٢).
وكان خالد بن ميمون يقول : البصرة أشد الأرض عذابا ، وأسرعه خرابا وشره ترابا.
وسأل الحجاج بن يوسف ، ابن القرية عن البصرة فقال : حرّها شديد ، وخيرها بعيد. وماؤها ملح ، وحربها صلح. مأوى كل فاجر ، وطريق كل عابر.
وكان الأوزاعي يقول : نظرت فيما اختلف فيه العلماء من أهل البلدان وفتنوا
__________________
(١) نهج البلاغة ٥٦.
(٢) نهج البلاغة ٥٥.