عبد الملك. ولما فرغ كتب إلى عبد الملك : إني اتخذت مدينة في كرش الأرض بين الجبل والمصرين وسميتها واسط ، فلذلك سمي أهل واسط الكرشين.
وقال الأصمعي : وجه الحجاج الأطباء ليرتادوا له موضعا. فذهبوا يطلبون ما بين عين التمر إلى البحر وجوار العراق. ورجعوا إليه وقالوا : ما أصبنا مكانا أوفق من موضعك هذا في خفوف الريح وأنف البرية.
وكان الحجاج قبل اتخاذه واسط أراد نزول الصين من كسكر وحفر بها نهر الصين وجمع له الفعلة ثم بدا له ، فعمر واسط ونزلها واحتفر النيل والزابي وسماه زابيا لأخذه من الزابي القديم. وأحيا ما على هذين النهرين من الأرضين ، وأحدث المدينة التي تعرف بالنيل ومصّرها ، وعمد إلى ضياع كان عبد الله بن دراج مولى معاوية بن أبي سفيان استخرجها لنفسه أيام ولايته على خراج الكوفة مع المغيرة بن شعبة من موات مرفوض من مغايض وآجام ، فضرب عليها المسنيات ثم قلع قصبها ودخلها فحازه الحجاج لعبد الملك بن مروان.
وقال الوضاح بن عطاء : لقد رأيت المقصورة بواسط وإنه ليغشاها أربعون رجلا شريفا من آل أسلم بن زرعة الكلابي.
وحدث علي بن حرب الموصلي عن أبي البختري وهب بن عمرو بن كعب بن الحارث الحارثي قال سمعت خالي يحيى بن الموفق يحدث عن مسعدة بن صدقة العبدي قال حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن عن سماك بن حرب قال : استعملني الحجاج بن يوسف على ناحية بادوريا. فبينا أنا يوما على شاطئ دجلة ومعي صاحب لي إذا أنا برجل على فرس من الجانب الآخر ، فصاح باسمي واسم أبي. فقلت : ما تشاء [٢١ ب]؟ فقال الويل لأهل مدينة تبنى هاهنا. ليقتلن فيها ظلما سبعون [ألفا] (١). كرر ذلك ثلاث مرات ثم أقحم فرسه في دجلة حتى غاب في الماء. فلم أره. فلما كان قابل ساقني القضاء إلى ذلك الموضع فإذا أنا برجل على فرس ، فصاح كما صاح في المرة الأولى ، وقال كما قال وزاد : سيقتل
__________________
(١) تكملة من ياقوت (واسط).