فيما حولها ما يستقل الحصى لعددهم. ثم أقحم فرسه في الماء حتى غاب.
قال بعضهم : فكانوا يرون أنها واسط وما قتل فيها الحجاج من الناس. ويقال إنه أحصي في حظيرة الحجاج بن يوسف ثلاثة وثلاثون ألف إنسان لم يحبسوا في دم ولا تبعة ولا دين. وأحصي من قتله صبرا فكانوا مائة وعشرين ألف إنسان.
وقال الحسن بن صالح بن حبي : أول مسجد بني بالسواد ، مسجد المدائن بناه سعد وأصحابه ، ثم وسع بعد وأحكم بناؤه. وجرى ذلك على يدي حذيفة بن اليمان بالمدائن. مات حذيفة سنة ست وثلاثين. ثم بني مسجد الكوفة ثم مسجد الأنبار. وأحدث الحجاج مدينة واسط في سنة ثلاث وثمانين أو سنة أربع ، وبنى مسجدها وقصرها والقبة الخضراء. وكانت أرض قصب فسميت واسط القصب. ولما فرغ من بنائها كتب إلى عبد الملك : اتخذت مدينة في كرش الأرض بين الجبل والمصرين وسميتها واسط. فلذلك سمي أهل واسط الكرشيين.
ونقل الحجاج إلى قصره والمسجد الجامع أبوابا من زندرود والدوقرة ودير ماسرجيس وسرابيط. فضجّ أهل هذه المدن وقالوا قد غصبتنا على مدننا وأموالنا ، فلم يلتفت إلى قولهم. وحفر خالد بن عبد الله القسري المبارك (١).
قال وأنفق الحجاج على بناء قصره والمسجد الجامع والخندقين والسور والقصر ثلاثة وأربعين ألف درهم. فقال له كاتبه صالح بن عبد الرحمن : هذه نفقة كثيرة وإن حسبها لك [٢٢ أ] أمير المؤمنين وجد في نفسه. قال فما تصنع؟ قال الحروب لها أحمل. فاحتسب منها في الحروب بأربعة وثلاثين ألف ألف درهم. واحتسب في البناء تسعة ألف ألف درهم.
ولما فرغ الحجاج من حروبه استوطن الكوفة فأبغضه أهلها وأبغضهم ، فقال لرجل من حرسه : امض فابتغ لي موضعا في كرش من الأرض أبني فيه مدينة ، وليكن ذلك على نهر جار. فأقبل يلتمس ذلك حتى صار إلى قرية فوق واسط بيسير
__________________
(١) من (ونقل الحجاج) إلى هنا في البلاذري ص ٢٨٩.