تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ ، فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ)
وقال ابن عباس في قول الله جلّ وعزّ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ ...) قال : كانت قرية يقال لها داوردان وقع بها الطاعون فهرب عامة أهلها فنزلوا ناحية منها. فهلك من أقام في القرية وسلم الآخرون. فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين. فقال من بقي ولم يمت في القرية : أصحابنا هؤلاء كانوا أحزم منا. لو صنعنا كما صنعوا سلمنا ، ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن. فوقع الطاعون بها قابل. فهربوا وهم بضعة وثلاثون ألفا حتى نزلوا ذلك المكان وهو وادي فيح ، فناداهم ملك من أسفل الوادي وآخر من معلاه أن موتوا ، فماتوا ، فأحياهم الله لحزقيل في ثيابهم التي ماتوا فيها. فرجعوا إلى قومهم أحياء يعرفون أنهم كانوا موتى ، حتى ماتوا بآجالهم التي كتبت لهم.
قال الهيثم بن عدي : سألت عبد الله بن هلال صديق إبليس عن اسم عامر واسط ، فقال : زوبعة.
قلت : فما حدثك عن الحجاج؟
قال : لقد كان كافرا بالله وما رأيته يصلي قط خاليا. وما رأيت أحدا كان أجبن منه ، لقد تراءيت له ذات يوم فبلغ من جنبه أنه عجن الطين بماء القرآن وطيّن به خضراء واسط(١).
قلت : فأخبرني عن خالد بن عبد الله القسري.
قال : أشجع الناس. ولقد كان به النقرس ، فلو أن ذبابة سقطت [٢٤ ب] على رجله لصاح منها. وكان له عمود حديد لا يفارقه ، فتراءيت له يوما فلم يقدر على القيام ونظر إليّ وقال يا خبيث! لقد علمت أني لا أقدر على القيام. ولكن إن
__________________
(١) اشتهر الحجاج بالجبن وكان يعيّر بذلك وأشهر المواقع التي فرّ فيها ، هروبه أمام غزالة (امرأة شبيب الخارجي) (موسوعة الكنايات العامية البغدادية ٢ : ٢٩٥). وعن حياته انظر التخليص المفيد الذي كتبه الشالجي في (موسوعة الكنايات) ٢ : ٣٣٢ ـ ٣٤٣.