درهم (١).
وكانت هيت وعانات مضافة إلى طسوج الأنبار. فلما ملك أنوشروان بلغه أن طوائف من الأعراب يعبرون على ما قرب من السواد إلى البادية. فأمر بتجديد سور مدينة تعرف بالليس (٢) كان شابور ذو الأكتاف بناها وجعلها مسلحة لحفظ ما قرب من البادية. وأمر بحفر خندق من هيت يشق طفّ البادية إلى كاظمة مما يلي البصرة وينفذ إلى البحر. وبنى عليه المناظر والجواسق ونظّمه بالمسالح ليكون ذلك مانعا لأهل البادية عن السواد. فخرجت هيت وعانات بسبب ذلك السور عن طسوج شادفيروزان ، لأن عانات كانت قرى مضمومة إلى هيت.
ووجد في بعض كتب الفرس أن ملوك الأرض قسموا الأرض أربعة أجزاء فجزء منها مغارب الهند وأرض الترك إلى مشارق الروم. وجزء منها الروم ومغاربها وأرض القبط والبربر. وجزء منها أرض السودان وهو بين أرض البربر إلى الهند. وجزء منها من نهر بلخ إلى آذربيجان وارمينية القادسية وإلى الفرات ثم برية العرب إلى عمان وإلى كرمان وأرض طبرستان وإلى كابل وطخارستان ، وهي الأرض التي سمتها الفرس بلاد الخاضعين. وهذا الجزء هو صفوة الأرض ووسطها لا يلحقه عيب ولا يناله تقصير. ولذلك اعتدلت ألوان أهله واقتدرت أجسامهم ، فسلموا من شقرة الروم والصقالبة ، وسواد الحبشة والزنج ، وغلظ الترك ، ودمامة الصين. واجتمعت فيهم محاسن جميع الأقطار ، وكل (٣) ما اعتدلوا في الحلية كذلك لطفوا في الفطنة والتمسك بمحاسن الأمور وشريف الأخلاق.
ولم تزل طساسيج [٨٣ أ] السواد على العدة التي ذكرنا حتى قدم الحجاج بن يوسف واليا على العراق ، وكان كاتبه القادم معه والمتولي لأمره ، صالح بن عبد الرحمن. فقال له الحجاج : التمس كاتبا ناصحا من الفرس عالما بكتابتهم يعمل الحساب. فوجد رجلا يقال له زاذانفروخ بن بيري فقلّده أمر الديوان. فلم يكن
__________________
(١) إلى هنا ينتهي التطابق بين ابن الفقيه وابن خرداذبه وما بين عضادتين هو من ابن خرداذبه.
(٢) ياقوت ١ : ٥٩٥ (مادة عانة) : ألوس.
(٣) يبدو أن صوابها : وكما.