نأى عنه من ملوك الطوائف يخبرهم بالذي أجمع عليه من الطلب بالملك لما فيه من صلاح أمور الرعية وإقامة الدين والسنّة. فمنهم من أقرّ له بالطاعة ، ومنهم من لم يقرّ له حتى قدم عليه ، ومنهم من عصاه فصار عاقبة أمره إلى القتل والهلاك. حتى استوسق له ملكه. وهو الذي افتتح الحضر. وكان ملك السواد متحصنا فيه وكانت العرب تسميه الساطرون. وفيه يقول أبو داود :
وأرى الموت قد تدلّى من |
|
الحضر على رب أهله الساطرون |
وقد أتينا بخبره فيما تقدم.
وهو أول من وضع السكك وحذف أذناب دواب البرد وبنى مدينة جور بفارس وكان موضعها صحراء. فمرّ بها أردشير فأمر ببنائها وسماها أردشير خرّة. وسمتها العرب جور. وهي مبنية على صورة دارابجرد. ونصب فيها بيت نار.
وبنى مدينة رام أردشير وبهمن أردشير خرّة وهي فرات البصرة. واستاراباذ وهي كرخ ميسان وهي من كور دجلة. ومدينة سوق الأهواز. وكانت مدة ملكه أربع عشرة سنة وستة أشهر.
وقالوا : سمعوا فارس بفارس بن طهومرث وهو الذي تنسب الفرس إليه ، لأنهم من ولده. وكان ملكا عادلا متحننا محتاطا على أهل عصره. وكان له عشرة بنين منهم : جمّ وشيراز وإصطخر وفسا وجنّابا وكسكر وكلواذى وقرقيسيا وعقرقوف [ودارابجرد]. فأقطع كل واحد منهم البلد الذي سمي به ونسب إليه. وإنما كانوا قبل ذلك يسكنون الخيام. ويقال إن ملكه كان ثلاثمائة سنة.
ومن مدينة سوق الأهواز إلى مدينة أرّجان أول عمل فارس من هذا الوجه واحد وثلاثون فرسخا. وأرجان بناها قباذ بن فيروز لأنه لمّا استرجع الملك من أخيه جاماسف غزا الروم فافتتح مدينتين من مدن الجزيرة مما كانت في أيدي الروم تدعى واحدة آمد والأخرى ميافارقين. وأمر فبنيت فيما بين حدّ فارس والأهواز مدينة وسماها ابرقباد ، وهي التي تسمى أرجان. وأسكن فيها سبي [٩٠ ب] همدان