وكرمان خمسة وأربعون منبرا صغارا وكبارا. ومن مدنها : القفص والبارز والمراح (١) والبلوص [٩٣ أ] وجيرفت ـ وهي من أعظم مدنها ـ والسيرجان وبها تنزل الولاة ، وهزوركند ولافث وهي الرباط وقلعة بني عبد الله. إلّا أن قصبتي البلد جيرفت والسيرجان.
قال : وبكرمان مدينة يقال لها دمندان ، وهي مدينة كبيرة واسعة وبها أكثر معادن كرمان ، بها معادن الحديد والنحاس والذهب والفضة والنوشادر والصفر ومعدنه بجبل يقال له دنباوند ، مرتفع شاهق ، ارتفاعه ثلاثة فراسخ. وهذا الجبل بالقرب من مدينة يقال لها خواش. على سبعة فراسخ من المدينة. وفي هذا الجبل كهف عظيم يسمع من داخله دويّ وخرير مثل خرير الماء ، ويرتفع منه بخار مثل الدخان ، فليتصق حواليه. فإذا كثف وكثر ، خرج إليه أهل تلك الناحية ، فيقلع في كل شهر أو شهرين. وقد وكل السلطان به قوما ، حتى إذا اجتمع سائره أخذ السلطان منه الخمس وأخذ أهل البلد باقيه فاقتسموه بينهم على سهام قد تراضوا [بها] فهو النوشادر الذي يحمل إلى سائر الآفاق.
وبها مدينة يقال لها خبيص ، لم تمطر داخلها قط وتمطر خارجها. فربما أخرج الإنسان يده من السور فيصيبها المطر ولا تقطر داخلها قطرة.
وبها خشب لا تحرقه الناس ، يلقى فيها ويترك الوقت الطويل ثم يخرج منها وهو صحيح ما احترق. والنصارى يموّهون الخشب ويزعمون أنه من الخشب الذي صلب عليه ـ بقولهم ـ المسيح عليه السلام. وكان مع بعض الرهبان صليب من هذا الخشب ، فافتتن به خلقا من الناس ، وذلك أنه كان يلقيه في النار ساعات من النهار ثم يخرجه عنها ولم تعمل فيه شيئا. فلم يزل على ذلك حتى فطن له رجل من أهل هذه المدينة. فأتى بقطعة خشبة كانت معه ففعل بها كفعل الراهب فبطل ما كان يمخرق.
وقال المأمون : لو أخذ الطحلب فجفف في الظل وطرح في النار لم يحترق.
__________________
(١) ابن خرداذبه ٤٩ : المراج.