وطائر يعرف بالسمندل (١) يدخل النار فيتمرغ فيها ثم يخرج منها كما دخل لم تحترق من ريشه ولا واحدة. وذكر طمياث الحكيم في كتاب الحيوان : إن بالمشرق طائرا يقال له بنجس في مدينة يقال لها مدينة الشمس وليس له أنثى ولا شكل يشبهه. وأهل تلك المدينة يعبدون الشمس ويسجدون [٩٣ ب] لها عند طلوعها. وتسمى المدينة اغفطوس. وهذا الطائر يكون بها ويعرف في غيرها. فإذا أراد الله بإذنه فيجمع بمنقاره شيئا كثيرا من عيدان الدار صيني. ثم لا يزال يضرب تلك العيدان بجناحيه مكبّا على ذلك لا يفتر ، حتى تشتعل نارا. فإذا علا لهبها قذف نفسه فيها حتى يحترق وتأكله النار فيصير رمادا. فإذا كان بعد أيام يعرفون عددها ، تصوّر من ذلك الرماد دودة كبيرة فلا تزال تكبر حتى تصير مثل الفرخ ثم ينبت الله له جناحين (٢) وريشا وتعود صورة ذلك الطائر لا يغادر منه شيئا. وأهل هذه المدينة يذكرون أن ذلك يكون في كل خمسمائة سنة.
وفي بعض مدن خراسان هوة عظيمة في جبل فيها نار تتقد ولا تطفأ شتاء ولا صيفا. وفي هذه الهوة جرذان كبار بيض تخترق النار في دخولها وخروجها ، فإذا كانت خارجة من الهوة ونظرت إلى إنسان بادرت فخاضت النار مخترقة للهوة إلى مواضعها لا تؤذيها النار ولا تحرقها.
ومن كرمان إلى سجستان مائة وثمانون فرسخا. ولها من المدن (٣) : زالق
__________________
(١) حيوان من الضفدعيات المذنّبة زعم القدماء أنه يدخل النار ولا يحترق. ويرى الأب الكرملي أن العرب كانوا يطلقون لفظة السمندل وأخواتها على هذا الحيوان المسمى Salamandre وعلى الطائر المعروف بالفنقس Phoenix لأنه كان يدخل النار حسب زعمهم ولا يحترق. وعلى الحجر المعروف بحجر الفتيل Asbestos ، لأنه لا يحترق. انظر معجم الحيوان ٢١٣ ـ ٢١٤. وفي طبائع الحيوان (الورقة ١٣١ أ). (السمندل ويقال له سالامندرا : هو حيوان يتولد في معدن النوشادر ، شبيه بالفأر الكبير. وخاصّيته أنه يدخل في النار العظيمة ويلعب ويبقى فيها إلى أن يحمّر مثل الجمرة ثم يخرج إلى أن يعود إليه لونه).
(٢) في الأصل جناحان.
(٣) مدن سجستان لدى ابن خرداذبه ٥٠ وفيه : روشت بدلا من بست ، وباسورد بدلا من ناشروذ.