قال : فترك [١١٠ أ] الملك مملكته وخرج هو والشاب يسيحان في الأرض.
وأنشد لبعضهم [في] الزمان :
ولربّ حصن قد تخرّم أهله |
|
ريب الزمان فبابه مسدود |
عدت المنون عليهم من فوقهم |
|
والقوم فيه آمنون هجود |
فتفرقت أجيادهم وجنودهم |
|
عنهم فكلّهم هناك شديد |
لم يدفعوا عنهم وإنّ سلاحهم |
|
متيسّر بفنائهم موجود |
من نسج داود النبيّ أعدّها |
|
للحرب يوم أعدّها داود |
لو أنهم سئلوا القتال لقاتلوا |
|
ولنيل منهم فيهم المجهود |
فابتزّهم ريب المنون نفوسهم |
|
قسرا وإنّ حماتهم لشهود |
حلّوا بطون الأرض بعد ظهورها |
|
ومضى بهم سفر هناك بعيد |
صارت نساؤهم حلائل غيرهم |
|
خلفت عليهم سفلة وعبيد |
فأسمع وأبصر أين عاد أصبحت |
|
أخلت منازلها وأين ثمود |
أين الذين بنوا فأصبح ما بنوا |
|
فيه الأفرور أو شيد (١) |
وقال خالد بن عمير بن الخباب السلمي : كنا مع مسلمة بن عبد الملك في غزوة قسطنطينية فخرج إلينا في بعض الأيام رجل من الروم يدعو إلى المبارزة فخرجت إليه فلم أر فارسا كان مثله. تجاولنا عامة يومنا فلم يظفر واحد منّا بصاحبه. ثم تداعينا إلى المصارعة ، فصارعت منه أشدّ الناس. فصرعني وجلس على صدري ليذبحني ـ وكان رسن دابته مشدودا في عاتقه ـ وانه ليعالجني للذبح إذ حاصت دابته حيصة جرّته عني ووقع من على صدري وبادرت إليه وجلست على صدره فنفست به عن القتل ، وأخذته أسيرا وجئت به إلى مسلمة فساءله فلم يجبه بحرف وكان أجسم الرجال وأعظمهم. فأراد أن يبعث إلى هشام وهو يومئذ [١١٠ ب] بحرّان. فقلت : دلّني الوفادة به. قال : إنك لأحق الناس بذلك. فبعث
__________________
(١) عجز البيت مضطرب.