قال : سهّل الله عليك تعلّمه ونوّر قلبك ويسّره عليك.
قال : فقدمت الري فتعلمته في شهر. فكان يروى عنه الحديث : عن أبي إسماعيل الصيقل عن أبي عبد الله.
وكان الرشيد يقول : الدنيا أربعة (١) منازل ، قد نزلت منها ثلاثة. أحدها دمشق والآخر الرقة والثالث الري والرابع سمرقند وأرجو أن أنزله. ولم أر في هذه البلاد الثلاثة التي نزلتها موضعا هو أحسن من السربان لأنه شارع يشتق مدينة الري في وسطه نهر ، فهو حسن. عن جانبيه جميعا أشجار ملتفة متصلة وفيما بينها أسواق.
وخطب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يوما فقال في خطبته :
احمدوا الله الذي أحصاكم عددا ووظف لكم مددا في قرارة الدنيا ، فإنكم مفارقوها ومنقطعون عنها ومحاسبون بما عملتم فيها. لا تخدعنكم بقاي (٢) لذاتها فإنها ثقيل مطلبها ، رنق شربها. غرور حائل وشبح [١٤١ أ] مائل وسنان قاتل ، تعزّ مستدبرها وتصرع مستفيدها بغرور شهوتها ومونق لذتها وحبل مدتها ، حتى إذا أنس ناقدها وقرّ شاردها ، قنصته بأحبلها ، فتفلته إلى ضنك المضجع ووحشة المرجع ومجاورة الأموات ومفارقة الأوقات. فهم لا يرجعون ولا يؤذن لهم فيعتذرون. قد ارتهنت الرقاب بسالف الاكتساب ، وأحصيت الآثار ، وقد خاب من حمل ظلما. فيا لها أمثالا كافية ومواعظ شافية لو صادفت أذنا واعية وقلوبا زاكية وألبابا حازمة وآراء عازمة.
ثم قال : كيف بهم إذا خرج المشرقي ، وتحرك المغربي ، وحارب السجزي ، وتحرك الهجري ، وثار الحسيني ، وغضب الحسني ، وقام العلوي ، وبويع الأموي ، وخرج الأرمني ، وماج الديلم ، وضج الطبري ، وقدم الهاشمي ، ووافى المصري ،
__________________
(١) في الأصل : أربع.
(٢) المقصود : بقاء.