وفي أخبار فريدون على رواية الفرس : لما أقبل بالبيوراسف من المغرب نحو المشرق ليسجنه [بدنباوند] مرّ بكورة إصبهان ـ وقد طوى أفريدون أياما لم يذق طعاما ـ فطلب قوما يمسكونه عليه ريثما يتغدى. فجمع الملك عالما من الناس فلم يقدروا على إمساكه ، فأدار سلاسله على جبل من جبال إصبهان وأوثقه بأساطين وسكك من حديد قوية. وتوثق منه حتى ظن أنه قد أحكم ما أراد. حتى إذا جلس على غذائه ، اجتذب البيوراسف سلاسله مع تلك الأساطين والسكك واحتمل الجبل يجره بسحره ثم طار به في الهواء ، فتبعه أفريدون فما لحقه إلّا بالمدينة المعروفة ببزورند وهي الري. فلما لحقه قمعه بمقمعة من حديد كانت في يده فسقط مغشيا عليه ورسا ذلك الجبل المنقول من إصبهان بمدينة الري. فهو الآن جبلها المطلّ عليها. فلعن أفريدون ذلك الجبل ودعا الله أن لا ينبت عليه شيئا في شتاء ولا صيف وأن لا يثبت عليه ثلج ولا تسرح عليه سارحة تؤمّه ولا أهلية ولا يأتي إليه حيوان. فأجاب الله دعاءه. فهو كذلك [١٤٢ ب] إلى يوم التناد.
ثم قاده من الري نحو محبسه على طريق الخوار ، فوافاه وهو يقوده إصبهبد جرجان ـ وكان رجلا ذا أيد وبطش ـ فسار معه أياما. وعرضت لأفريدون حاجة فلم يثق بأحد يمسكه عليه فقال الأصبهبد : أيها الملك ، أنا أمسكه عليك. فقال : أخاف أن لا تقوى فتعطب على يده. فقال : أرجو أن يعينني الله عليه بقدرته. وناوله أفريدون سلاسله وساربه ، فلم يلتوي عليه ، ومرّ يحجل في قيوده.
فلما غاب أفريدون ( ) (١) فلما أطالا المجاذبة دخلت رجلاه إلى ركبتيه في الأرض ، فخدّ في ذلك المكان أخدودا عظيما جرى فيه بعد ذلك الماء فصار نهرا عظيما ، وهو اليوم يعرف بوادي خوار ، يعرفه أهل تلك الناحية ويسمونه بهندرود.
وطعنه أفريدون وقمعه بمقمعة واحدة من يد الأصبهبد وبارك عليه وزاد في مرتبته وسماه بهند جرجان وخراسان اصبهبد.
__________________
(١) كلمة مطموسة. ويمكن أن تكون : جاذبه السلسلة.