صارت الشمس إلى أول الحمل ، صار الحر عندهم مفرطا. فإذا صارت إلى أول السرطان وزالت عن سمت رؤوسهم أربعة وعشرين ، شتوا. ثم تعود الشمس إليهم إذا صارت إلى أول الميزان فيصيفون ثانية ويشتد الحرّ عليهم. فإذا زالت إلى الجنوب وصارت إلى الجدي شتوا ثانية ، غير أن شتاءهم قريب من صيفهم. وكان في ظفار وهي صنعاء كذا.
وظفار مشهورة على ساحل البحر ولعل هذه كانت تسمى بذلك قريب من القصور : قصر زيدان وهو قصر المملكة ، وقصر شوحطان ، وقصر كوكبان وهو جبل قريب منها وقد ذكر في موضعه.
وكان لمدينة صنعاء تسعة أبواب وكان لا يدخلها غريب إلّا بإذن. كانوا يجدون في كتوبهم أنها تخرب من رجل يدخل من باب لها يسمى باب حقل. وكانت مرتبة صاحب الملك على ميل من بابها وكان من دونه إلى الباب حاجبان بين كل واحد إلى صاحبه رمية سهم. وكانت له سلسلة من ذهب من عند الحاجب إلى باب المدينة ممدودة وفيها أجراس ، متى قدم على الملك شريف أو رسول أو بريد من بعض العمال حركت السلسلة فيعلم الملك بذلك فيرى رأيه] (١).
وأهل الحجاز واليمن يمطرون الصيف كلّه ، ويخصبون في الشتاء فيمطر صنعاء وما والاها في حزيران وتموز وآب وبعض أيلول من الزوال إلى المغرب ، يلقى الرجل الآخر منهم فيكلّمه فيقول : عجّل قبل الغيث لأنه لا بدّ من المطر في هذه الأيّام. وكان ابن عبّاس يقول : مجاهد عالم أهل الحجاز ، وسعيد بن جبير عالم أهل العراق ، وطاؤوس عالم أهل اليمن ، ووهب عالم الناس.
وباليمن من أنواع الخصب وغرائب الثمر وطرائف الشجر ما يستصغر ما ينبت في بلاد الأكاسرة والقياصرة ، وقد تفاخرت الروم وفارس بالبنيان وتنافست
__________________
(١) عن معجم البلدان ٣ : ٤٢٢ والقزويني ص ٥٠. ولا نعلم إن كان الكلام الذي يليه في المعجم تابع لكلام ابن الفقيه أم لا ويبدأ بقوله : وقال أبو محمد اليزيدي (وهو يحيى بن المبارك المتوفى عام ١٨٠ ه ـ).