وإذا كانت لرجل أمّ ولد قد ولدت منه فأعتقها فتزوّجها. ثمّ زنى قبل أن يغشاها بعدما أعتقت فلا رجم عليه ، ولا هي إن زنت حتّى يغشاها بعد ما أعتقت ، وإن كان مملوك تحته حرّة قد دخل بها فعتق فزنى قبل أن يغشاها بعدما أعتق فلا رجم عليه. وإن كان الزوجان يهوديّين أو نصرانيّين فأسلما جميعا ، ثمّ زنى أحدهما أيّهما كان قبل أن يغشاها (١) بعدما أسلما فلا رجم عليه حتّى يغشاها في الإسلام. وإنّما رجم النبيّ صلىاللهعليهوسلم اليهوديّين لأنّهم تحاكموا إليه (٢).
وإحصان أهل الشرك في شركهم ليس بإحصان حتّى يغشى في الإسلام.
قوله : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ) أي رحمة (فِي دِينِ اللهِ) أي في حكم الله (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ) : أي إن كنتم تصدّقون (بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) : أي تصدّقون باليوم الآخر الذي فيه جزاء الأعمال. فلا ترفقوا بالزانية والزاني اللذين نزع الله منهما الرأفة ، أي فلا ترجموهما.
وفي هذا دليل على أنّهما ليسا بمؤمنين ، إذ نزع الله الرأفة التي جعل للمؤمنين منها [نصيبا] (٣) ، قال الله : (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (٤٣) [الأحزاب : ٤٣] ووصف نبيّه فقال : (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١٢٨) [التوبة : ١٢٨]. فلو كانا مؤمنين لم ينزع الرأفة التي جعلها للمؤمنين.
قوله : (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢) : أي ليشهد جلدهما طائفة من المؤمنين. قال بعضهم : الطائفة رجل فصاعدا. وقال بعضهم : الطائفة من ثلاثة فصاعدا.
وهذه الآية تشدّ الأولى ، إذ أمر الله المؤمنين أن يحضروا عذاب الزاني ، أي جلده ، وهم غير الزاني. فيجوز أن يحضر عذابهما طائفة من الزناة ، تحضر الزناة عذاب الزناة (٤) ، ففي هاتين الآيتين
__________________
(١) كذا في سع ورقة ٤٩ ظ : «قبل أن يغشاها» ، وفي ب : «حتّى يغشاها» ، وفي ع : «قبل أن يغشى» ، والصواب ما أثبتّه إن شاء الله.
(٢) يشير إلى قصّة اليهوديّ الذي زنى وهو محصن ، فرفع أحبار اليهود أمره إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم آملين أن يجدوا عنده رخصة ، فحكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بما جاء في التوراة وهو الرجم. فنزلت في ذلك آيات المائدة : ٤٢ ـ ٤٨. انظر تفصيل ذلك فيما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٤٣ من سورة المائدة.
(٣) زيادة لا بدّ منها لتستقيم العبارة. وقد جاءت مضطربة في المخطوطات.
(٤) كذا وردت هاتان الجملتان بالإثبات : «يجوز أن يحضر ... تحضر الزناة» ، وفي العبارة شيء من الغموض ؛ ـ