دليل لكلّ ذي حجى أو لجى (١) أنّ الزاني ليس بمؤمن.
وفيها ذكر الحسن عن النبيّ عليهالسلام أنّه قال : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يقتل النفس التي حرّم الله وهو مؤمن. فإذا فعل ذلك خلع ربقة الإسلام من عنقه (٢).
قوله : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (٣).
وذلك أنّ النبيّ عليهالسلام قدم المدينة ، وبها نساء من أهل الكتاب وإماء مشركات من إماء مشركي العرب مؤاجرات مجاهرات (٣) بالزنا ، لهن رايات مثل رايات البياطرة (٤).
قال بعضهم : لا يحلّ من نساء أهل الكتاب إلّا العفائف الحرائر ، ولا نساء المشركين من غير أهل الكتاب. وإماء المشركين حرام على المسلمين.
وقال بعضهم في قوله : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) ؛ يعني من كان يزني بتلك المؤاجرات من نساء أهل الكتاب وإماء المشركين وإن كانت حرّة من المشركات ، لا ينكحها إلّا زان من أهل الكتاب أو من مشركي العرب. قال : (وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)،أي : تزويجهنّ. ثمّ حرّم النساء المشركات من غير أهل الكتاب ، زواني كنّ أو عفائف ، فقال : (وَلا تَنْكِحُوا
__________________
ـ ويبدو أنّ كلمات سقطت أثناء النسخ ، ولكنّ المعنى الإجماليّ واضح. فالمؤلّف ـ وهو هنا الشيخ هود ـ يريد أن يثبت أنّ الزاني لا يمكن أن يكون مؤمنا ، إذ لو كان كذلك لجاز ، بمقتضى الآية ، أن يحضر الزاني عذاب الزاني ، وهذا أمر مناف للحكمة الإلهيّة. ويزيد المؤلّف هذا المعنى تأكيدا بما يأتي.
(١) كذا في ق وب ، ولم أجد في معاجم اللغة هذا اللفظ.
(٢) انظر تخريجه فيما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٣١ من سورة النساء.
(٣) في ب وع ، وحتّى في سع : «مهاجرات» وفيها تصحيف ، والصواب ما أثبتّه بمعنى أنّهنّ يجاهرن بالزنا ويعلنّه. وقد أورد الطبريّ في تفسيره ، ج ١٨ ص ٧٣ عن عكرمة أسماء تسع إماء من صواحب الرايات وعرّفهنّ.
(٤) «راية البيطار» ممّا يضرب به المثل في الشهرة ، فيقال : أشهر من راية بيطار. انظر الثعالبي : ثمار القلوب ، رقم ٣١٦ ، ص ٢٤٠.