وذكر عكرمة عن ابن عبّاس قال : لم تقبل لأبي بكرة شهادة ؛ لأنّه لم يرجع عن شهادته ؛ ولو رجع عن شهادته لقبلت شهادته. وبقول ابن عبّاس في هذا نأخذ ، وعليه نعتمد. وهو قول أبي عبيدة والعامّة من فقهائنا. قال أبو عبيدة : شهادة كلّ من أقيم عليه الحدّ جائزة إذا تاب وأصلح (١).
قوله : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ) (٧). (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ) : أي عن المرأة ، والعذاب : الحدّ ، يعني الرجم إن كان دخل بها ، أو أحصنت قبله ، والجلد إن لم تكن محصنة (أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ) : أي زوجها (مِنَ الصَّادِقِينَ) (٩) : أي في قذفه إيّاها. [وذلك إذا ارتفعا إلى الإمام ، وإن لم يرتفعا إلى الإمام فهي امرأته] (٢).
وإن ارتفعا إلى الإمام فثبت على قذفها قال أربع مرّات عند الإمام : أشهد بالله إنّي لصادق ، أشهد بالله إنّي لصادق ، أشهد بالله إنّي لصادق ، أشهد بالله إنّي لصادق ، ثمّ يقول الخامسة : إنّ لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين. وتقول هي أربع مرّات : أشهد بالله إنّه لكاذب ، أشهد بالله إنّه لكاذب ، أشهد بالله إنّه لكاذب ، أشهد بالله إنّه لكاذب ، تعني زوجها ، ثمّ تقول الخامسة : إنّ غضب الله عليها إن كان من الصادقين. ثمّ يفرّق بينهما فلا يجتمعان أبدا. فإن أكذب نفسه قبل أن يفرغا من الملاعنة جلد حدّ القذف ، ثمانين ، وهي امرأته.
وإن لاعنها في إنكار ولدها ألحق الولد بها إذا لم تكن حبلى قبل أن يلاعنها ولم يعرف أنّه دخل بها ، وهي عصبته ، وعصبتها بعدها (٣). فإن أكذب نفسه وقد بقي من الملاعنة شيء في ذلك قولان : أحدهما أنّه يجلد حدّ القاذف ويفرّق بينهما ولا يجتمعان أبدا ، وهو قول أبي عبيدة والعامّة
__________________
(١) نسب مثل هذا القول في سع ورقة ٥٠ وإلى الحسن ، لكن جاء في آخرة : «إذا تاب غير القاذف».
(٢) زيادة من سع ورقة ٥٠ و.
(٣) أي : وعصبة أمّه يعصبون الولد الملحق بالأمّ بعدها إذا لم يكن ذو سهم من النسب. وانظر مزيدا من التفصيل في أجوبة ابن خلفون ، ص ٢٨ ـ ٢٩.