من فقهائنا. وقال ابن عبد العزيز (١) : يجلد حدّ القاذف وهي امرأته ، وعامّة الناس كلّهم على هذا القول ، والولد ولده في قولهم جميعا. وإن أكذب نفسه بعد اللعان جلد ولا سبيل له عليها في قولهم جميعا. وقال بعضهم : ويلحق الولد بها. وقال بعضهم : بل يردّ إليه ولده ، وهو قول العامّة.
ولا يلاعن الرجل امرأته الأمة ولا اليهوديّة ولا النصرانيّة. وإن أنكر الرجل ولده من اليهوديّة أو النصرانيّة لزمه الولد. وإن أنكر ولده من الأمة بعدما أقرّ به مرّة واحدة لزمه الولد. وإذا قذف الرجل امرأته الحرّة قبل أن يدخل بها ثمّ ارتفعا إلى السلطان تلاعنا.
وإذا طلّق الرجل امرأته الحرّة مرّة واحدة أو اثنتين ، ثمّ قذفها ، تلاعنا ما كانت في العدّة ، إن ارتفعا إلى السلطان ، وهذا قول ابن عمر.
وقال ابن عبّاس : لا يلاعنها ؛ لأنّها ليست بامرأته حتّى يشهد على مراجعتها. قال : ألا ترى أنّه لا يدخل عليها إلّا بإذن؟.
وقول ابن عمر أعدل ؛ لأنّها امرأته ما كانت في العدّة ؛ ألا ترى أنّه إن مات ورثته ، وإن ماتت ورثها؟ ألا ترى أنّه إن أردفها طلاقا في العدّة وقع عليها؟ وكذلك إن آلى منها أو ظاهر منها؟ فكذلك أيضا إذا قذفها لا عنها. كلّ هذه الأحكام لا تلزم الرجل في غير امرأته (٢).
قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) : قال بعضهم في قوله تعالى : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (٥٨) [يونس : ٥٨] قال : فضل الله الإسلام ، ورحمته القرآن.
وقال بعضهم : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ) يعني ولو لا منّ الله (عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) رحمته ههنا : نعمته ، أي : لأهلك الكاذب من المتلاعنين.
__________________
(١) هو من علماء القرن الثاني الهجري ومن تلاميذ أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة. وأبي نوح صالح بن نوح الدهّان. واسمه : عبد الله بن عبد العزيز البصري. كان فقيها مفتيا من فقهاء الإباضيّة الأوائل واشتهر بميله إلى القياس في آرائه الفقهيّة.
(٢) نسبة القولين إلى ابن عمر وابن عبّاس وترجيح قول ابن عبّاس وتعليل هذا الترجيح ، كل هذا غير موجود في سع ولا في ز ، وهو من رواية الشيخ هود وزيادته ، وهذا يدلّ على فقه الرجل وسعة علمه.