بعد النظر.
قوله : (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) : أي ثواب ما عملوا ، [يجزيهم به الجنّة] (١) (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) : فأهل الجنّة أبدا في مزيد.
ذكروا عن كعب قال : وجدت في التوراة أنّ بيوتي في الأرض المساجد ، فمن توضّأ في بيته ثمّ زارني في بيتي أكرمته ، وحقّ على المزور أن يكرم زائره. ووجدت في القرآن : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ).
قال : (وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٣٨) : [تفسير بعضهم يقول : لا أحد يحاسبهم بما أعطاهم الله] (٢).
ذكروا عن أسماء بنت يزيد بن السّكن الأنصاريّة قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : إذا جمع الله الناس يوم القيامة : الأوّلين والآخرين جاء مناد فينادي : سيعلم الجمع من أولى بالكرم ، أين الذين (لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ)؟ فيقومون ـ وهم قليل ـ إلى الجنّة بغير حساب. ثمّ ينادي المنادي بصوت له رفيع يسمع الخلائق كلّهم : سيعلم الجمع من أولى بالكرم؟ أين الذين (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (١٦)
[السجدة : ١٦]؟ فيقومون وهم أكثر من الصنف الأوّل إلى الجنّة. ثمّ يرجع المنادي فينادي : سيعلم الجمع اليوم من أولى بالكرم ، أين الحامدون الله في السرّاء والضرّاء الذين يحمدون الله على كلّ حال ، فيقومون وهم أكثر من الصنف الأوّل إلى الجنّة ، فيحاسب من بقي من الناس (٣).
قال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ) : وهذا مثل المنافق. والقيعة القاع ، وهو
__________________
ـ وقيل : الزرقة : خضرة في سواد العين. انظر اللسان : (زرق).
(١) زيادة من سع لإتمام المعنى.
(٢) زيادة من سع ، ورقة ٥٤ و.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد النهشليّة الأنصاريّة ، وأخرجه البيهقيّ في شعب الإيمان عن عقبة بن عامر بألفاظ مختلفة.