قال بعضهم : بلغنا أنّه يعني ساعتي الغداء والعشاء ، وليس ثمّ بكرة ولا عشيّة ، قال : وبلغنا أنّه إذا مضى ثلاث ساعات أتوا بغدائهم ، وإذا انقضت (١) ثلاث ساعات أتوا بعشائهم. ومقدار النهار اثنتا عشرة ساعة في عدد نهار الدنيا.
ذكروا عن سعيد بن المسيّب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : الجنّة بيضاء تتلألأ ، وأهلها بيض ، لا ينام أهلها ، وليس فيها شمس ولا قمر ، ولا ليل يظلم ولا حرّ ولا برد يؤذيهم (٢).
ذكر الحسن قال : إنّ أدنى أهل الجنّة منزلة آخرهم دخولا ، فيقال له : انظر ما أعطاك الله ، فيفسح له في بصره ، فينظر إلى مسيرة مائة سنة كلّه له. ليس فيه موضع شبر إلّا وهو عامر قصور الذهب والفضّة وخيام اللؤلؤ والياقوت. فيها أزواجه وخدمه ، يغدى عليه كلّ يوم بسبعين ألف صحفة من ذهب ، ويراح عليه بمثلها ، في كلّ واحدة منها لون ليس في الأخرى ؛ يأكل من آخرها كما يأكل من أوّلها ، لو نزل به الجنّ والإنس في غداء واحد ، أو قال : في غداة واحدة ، لأوسعهم ، ولا ينقص ذلك ممّا عنده شيئا.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : والذي نفسي بيده ، إنّ أسفل أهل الجنّة منزلة الذي يسعى بين يديه سبعون ألف غلام ، ما منهم غلام إلّا وبيده صحفة من ذهب فيها لون من الطعام ليس في صاحبتها مثله ، يجد طعم أوّلها كلّه وآخرها ، ويجد لذّة آخرها كطعم أوّلها لا يشبه بعضها بعضا. ثمّ قال : ألا تسألوني عن أرفع أهل الجنّة درجة؟ قالوا : بلى. قال : والذي نفسي بيده إنّ أرفع أهل الجنّة درجة للّذي يسعى عليه مائة ألف غلام (٣) ، ما منهم غلام إلّا وبيده صحفة من ذهب فيها لون من الطعام ليس في صاحبتها مثله ، ويجد طعم أوّلها كما يجد طعم آخرها ، لا يشبه بعضها بعضا. وإنّ أدنى أهل الجنّة منزلة للّذي له مسيرة ألف سنة ، ينظر إلى أقصاها كما ينظر إلى أدناها. وقصوره درّة بيضاء وياقوتة حمراء ، مطّردة فيها أنهارها ، وفيها ثمارها متدلّية (٤).
قوله تعالى : (تِلْكَ الْجَنَّةُ) أي التي وصف (الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا
__________________
(١) كذا في ع وب : «وإذا انقضت» وهو الصحيح ، وفي سع ورقة ٢٣ ظ : «فإذا بقيت».
(٢) لم أجده بهذا اللفظ فيما بين يديّ من المصادر.
(٣) كذا في ع وفي ب ، وفي سع : «سبعمائة ألف غلام».
(٤) أخرجه ابن أبي الدنيا والطبرانيّ ، واللفظ له ، عن أنس بن مالك. وقال الحافظ المنذريّ : رواته ثقات.