الْمُفْسِدِينَ) (١٤) : أي المشركين. كان عاقبتهم أن دمّر الله عليهم ثمّ صيّرهم إلى النار.
قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) (١٥) : يعنيان أهل زمانهم من المؤمنين.
قوله : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) : أي نبوّته وملكه (١) (وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) : يعني كلّ شيء أوتي منه. (إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) (١٦) : أي البيّن.
قوله : (وَحُشِرَ) : أي وجمع (لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) (١٧) : أي على كلّ صنف منهم وزعة (٢) تردّ أولاهم على أخراهم. هذا تفسير بعضهم. وقال الحسن : (فَهُمْ يُوزَعُونَ) ، أي : فهم يدفعون لا يتقدّمه منهم أحد. (حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ) : وهو واد بالشام (قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (١٨) : أي والنمل لا يشعرون أن سليمان يفهم كلامهم (٣).
قال : (فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي) : أي ألهمني (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي
__________________
(١) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٢٨٨ : «كان لداود ـ فيما ذكروا ـ تسعة عشر ولدا ذكرا ، وإنّما خصّ سليمان بالوراثة لأنّها وراثة ملك».
(٢) وزعة : جمع وازع ، وهو في أصله اللغويّ : «الحابس العسكر ، الموكل بالصفوف ، يتقدّم الصفّ فيصلحه ويقدّم ويؤخّر». كما جاء في اللسان : (وزع). وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٩٢ : (فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي : يدفعون فيستحثّ آخرهم ويحبس أوّلهم».
(٣) كذا في المخطوطات الأربع : «والنمل لا يشعرون أنّ سليمان يفهم كلامهم». ويبدو هذا التأويل للجملة الحالية غريبا. وإذا كانت العبارة تحتمله فبتكلّف شديد. وفيه بعد ، ولم أجد فيما بحثت من أوّل هذه الجملة هذا التأويل ، وجمهور المفسّرين على أنّ الجملة «حال من مجموع المتعاطفين ، أي سليمان وجنوده ، والضمير لهما». وهذا المعنى هو أوّل ما يتبادر إلى الذهن لمن تدبّر الآية ، فهو أولى بالاعتبار ، وسياق الكلام يؤكده. وهنالك وجه آخر ذكره بعض المفسّرين وهو أن يرجع الضمير إلى جنود سليمان أي أنّهم لم يشعروا بكلام النملة. وهو تأويل فيه شيء من التكلّف أيضا. وانظر ابن الجوزي ، زاد المسير ، ج ٦ ص ١٦٢.