أحدهما بالمغرب ورجلاه بالمشرق.
ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : يقوم ملك بين السماء والأرض بالصور فينفخ فيه. وذكر بعضهم أنّ المنادي ، وهو صاحب الصور ، ينادي من الصخرة من بيت المقدس.
قوله : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً) : أي ساكنة (وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) : وتكون الجبال كالعهن ، أي : كالصوف المنفوش ، وتكون كثيبا مهيلا ، وتبسّ بسّا كما يبسّ السويق ، وتكون سرابا ، ثمّ تكون هباء منبثّا ؛ فذلك حين تذهب من أصولها فلا يرى منها شيء ، فتصير الأرض كلّها مستوية. قوله : (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) : أي أحكم كلّ شيء (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) (٨٨) (١).
قوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) : أي بالإيمان ، وهو شهادة لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا رسول الله ، وأنّ ما جاء به حقّ من الله ، وعمل صالحا وعمل جميع الفرائض (٢). (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) : أي فله منها خير ، وهو الجنّة. وفي الآية تقديم ، أي : فله منها خير.
قال : (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) (٨٩). قال الحسن : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا تقوم الساعة على رجل يشهد ألّا إله إلّا الله ، ويأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر (٣). ذكروا عن عبد الله بن عمرو قال : تنفخ النفخة الأولى وما يعبد الله يومئذ في الأرض.
قوله : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) : أي ألقوا في النار على وجوههم. ذكروا عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من مات لا يشرك بالله شيئا وعمل بفرائض الله دخل الجنّة ، ومن مات يشرك بالله دخل النار (٤). قوله : (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ
__________________
(١) قال الأخفش في معاني القرآن ، ج ١ ص ٤٢٢ : «... و (صُنْعَ اللهِ) و (كتاب الله) إنّما هو من صنغ الله ذلك صنعا. فهذا تفسير كلّ شيء في القرآن من نحو هذا ، وهو كثير».
(٢) هذا تعريف الحسنة في مذهب الشيخ هود الهوّاريّ ، لا يحيد عن تعريف الإيمان بما شرحه. أمّا ابن سلام فاكتفى بقوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) ؛ بلا اله إلّا الله مخلصا». كما جاء في سع ورقة ٧٠ ظ.
(٣) حديث صحيح أخرجه مسلم في كتاب الإيمان ، باب ذهاب الإيمان آخر الزمان (رقم ١٤٨) عن أنس ؛ ولفظه : «لا تقوم الساعة على أحد يقول : الله الله».
(٤) انظر ما سلف ج ١ ، تفسير الآية ٤٨ من سورة النساء ؛ فقد مضى التعليق عليه هناك.