(فَسَقى لَهُما) فلم يلبث أن أروى غنمها (ثُمَّ تَوَلَّى) : أي انصرف (إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (٢٤) : يعني الطعام. وكان بجهد. وقال سعيد بن جبير : كان فقيرا إلى شقّ تمرة.
قوله : (فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ) : واضعة يديها على وجهها (١). قال الحسن : بعيدة والله عن البذاء (٢).
قال : ويقولون شعيب وليس بشعيب ، ولكنّه سيّد أهل الماء يومئذ ؛ ذكروا عن ابن عبّاس قال : اسم ختن موسى يترى (٣).
(قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) : أي خبره (قالَ) الشيخ : (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٢٥).
(قالَتْ إِحْداهُما) : أي إحدى المرأتين (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) (٢٦) : أي القويّ في الصنعة ، الأمين فيما ولّي.
قال مجاهد : الأمين ؛ غضّ طرفه عنهما حين سقى لهما. وكان الذي رأت من قوّته أنّه لم تلبث ماشيتها أن سقاها وأرواها. وأنّ الأمانة التي رأت منه أنّها حين جاءت تدعوه قال لها : كوني ورائي وكره أن يستدبرها. وبعضهم يقول في قوله : (الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) أنّه كان على تلك البئر التي سقى منها صخرة لا يرفعها إلّا أربعون رجلا ، فرفعهما موسى وحده ، وذلك أنّه سألهما هل ههنا بئر غير هذه؟ فقالتا : نعم ، ولكن عليها صخرة لا يرفعها إلّا أربعون رجلا (٤).
__________________
(١) كذا في المخطوطات الأربع : «واضعة يديها» ، وفي تفسير مجاهد ، ص ٤٨٣ : «واضعة ثوبها على وجهها». ولم يثبت ـ فيما أعلم ـ خبر موثوق بصحّته عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في علامة استحيائها. وقد نسب هذا القول إلى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وإلى غيره ، كما أورده الطبريّ في تفسيره ج ٢ ص ٦٠.
(٢) تقول : بذأت الرجل بذءا ، وبذأته عيني تبذؤه بكذا ، وبذاءة : إذا رأيت منه حالة كرهتها فاز دريته واحتقرته. وتقول : بذأت الشيء : إذا ذممته. والمعنى أنّه ليس في مشيتها وهيئتها ما يذمّ أو يستهجن. اللسان : (بذأ).
(٣) انظر أقوال المفسّرين في اسم ختن موسى واسم المرأتين في تفسير الطبريّ ، ج ٢٠ ص ٦٢. والحقّ ما ذهب إليه الطبريّ أنّ «هذا ممّا لا يدرك علمه إلّا بخبر ، ولا خبر بذلك تجب حجّته».
(٤) في تفسير مجاهد ص ٤٨٣ : «عشرة رجال». على أنّ هذا كلّه ممّا لم يثبت فيه نصّ قطعيّ.