(وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ) : أي الباطل ، أي : الشرك والنفاق ، والقول السيّئ. وقال بعضهم : الشتم والأذى [من كفّار قومهم] (١). (أَعْرَضُوا عَنْهُ) : أي لم يردّوا عليهم. (وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) : كلمة حلم عن المشركين وتحيّة بين المؤمنين (لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) (٥٥) : أي لا نكون من الجاهلين.
وقال بعضهم : هم مسلمو أهل الإنجيل.
وقال الكلبيّ : هم أناس من أهل الكتاب لم يكونوا هودا ولا نصارى ، وكانوا على دين أنبياء الله ورسله ، وكرهوا ما عليه اليهود والنصارى ، وأخذوا بأمر الله ، فكانوا ينتظرون النبيّ عليهالسلام ، فلمّا سمعوا به وهو بمكّة أتوه. فلمّا رأوه عرفوه بنعته ، وسألوه أن يقرأ عليهم القرآن. فلمّا سمعوه (قالُوا آمَنَّا بِهِ) ، أي : بالقرآن ، (إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) ، قال الله : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا) ، يقول : بأخذهم بالكتاب الأوّل وإيمانهم بالكتاب الآخر.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ثلاثة يؤتون أجرهم مرّتين : من آمن بالكتاب الأوّل والكتاب الآخر ، والعبد إذا أطاع الله وأطاع سيّده ، والرجل إذا أعتق أمته ثمّ تزوّجها (٢).
قال الكلبيّ : (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ ، أَعْمالُكُمْ). قال أبو جهل لهؤلاء الرهط الذين أسلموا من أهل الكتاب : أفّ لكم من قوم منظور إليكم ، اتّبعتم غلاما قد كرهه قومه ، وهم أعلم به منكم. فقالوا لهم : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ).
قوله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (٥٦). نزلت في أبي طالب حين راوده النبيّ عليهالسلام على أن يقول : لا إله إلّا
__________________
ـ يدفعون ويردّون ، وفي الحديث : «ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم».
(١) زيادة من سح وز.
(٢) حديث صحيح متّفق عليه ، أخرجه البخاريّ في كتاب العلم ، باب تعليم الرجل أمته وأهله. وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان ، باب وجوب الإيمان برسالة نبيّنا صلىاللهعليهوسلم إلى جميع الناس ... (رقم ١٥٤). كلاهما يرويه من حديث أبي بردة عن أبيه أبي موسى الأشعريّ عن النبيّ عليهالسلام. واللفظ عند مسلم أكثر تفصيلا وأتمّ رواية.