الله فأبى.
وقال مجاهد : قال له النبيّ عليهالسلام : [قل كلمة الإخلاص ، وهي التوحيد] (١) أجادل بها عنك يوم القيامة (٢). فقال له : يا ابن أخي ، قد علمت أنّك صادق ، وأنّك لن تدعو إلّا إلى خير ، ولو لا أن تكون عليك وعلى بنيك سبّة لأقررت بما عندك عند الفراق ، ولكن سوف أموت على ملّة الأشياخ.
قال : (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) أي : من قدّر عليه الهدى ، ممّن يقبل الهدى أو يجيب له (٣).
قوله : (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) : أي لقلّتنا في كثرة العرب ، ولكن ينفي الحرب عنّا أنّا على دينهم ، فإذا آمنّا بك واتّبعناك خشينا أن يتخطّفنا الناس.
قال الله : (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا) : أي من عندنا (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٥٧) : أي قد كانوا في حرمي يأكلون رزقي ، ويعبدون غيري ، وهم آمنون ، أفيخافون ، إن آمنوا ، أن أسلّط عليهم من يقتلهم ويسبيهم؟ ما كنت لأفعل.
قوله : (يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) كقوله : (يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ) [النحل : ١١٢].
ذكر بعضهم قال : إنّ سيلا أتى على المقام واقتلعه فإذا في أسفله كتاب. فدعوا له رجلا من حمير فزبره لهم في جريدة ، ثمّ قرأه عليهم فإذا فيه : هذا بيت الله المحرّم ، جعل رزق من يعمره يأتيهم من ثلاث سبل ، مبارك لأهله في الماء واللحم ، وأوّل من يحلّه أهله.
__________________
(١) سقطت هذه الجملة من ب وع ، ولا بدّ من إثباتها ليستقيم المعنى ، وهي موجودة في تفسير مجاهد ، ص ٤٨٨ ، وفي سح ورقة ٥٧.
(٢) حديث صحيح متّفق عليه. أخرجه البخاريّ في كتاب التفسير ، سورة القصص ، وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان ، باب الدليل على صحّة إسلام من حضره الموت (رقم ٢٤) ، كلاهما يرويه من حديث سعيد بن المسيّب عن أبيه. ولفظ البخاريّ : «أي عمّ ، قل لا إله إلّا الله كلمة أحاجّ لك بها عند الله». ولفظ مسلم : «يا عمّ ، قل لا إله إلّا الله كلمة أشهد لك بها عند الله».
(٣) كذا في ب وع ، وفي سح ورقة ٥٧.