(وَأَحْسِنْ) : أي فيما افترض الله عليك (كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (٧٧) : أي المشركين في هذا الموضع (١).
(قالَ) قارون (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) : أي إنّما أعطيته ، يعني ما أعطي من الدنيا ، (على علم عندى) أي : بقوّتي وعلمي ، وهي مثل قوله : (ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) قال الله : (بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ) أي : بليّة (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٤٩) [الزمر : ٤٩].
قوله : (أَوَلَمْ يَعْلَمْ) قارون ، أي : بلى قد علم ، وهذا على الاستفهام (أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ) : من قبل قارون (مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً) : أي من الجنود والرجال.
قال الله : (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) (٧٨) : أي المشركون والمنافقون ، أي : ليعلم ذنوبهم منهم ، أي : يعرفون بسواد وجوههم وزرقة عيونهم ، كقوله : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) (٣٩) [الرحمن : ٣٩] ، وكقوله : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) الرحمن : ٤١] أي : يجمع بين ناصيته وقدمه.
قوله : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ) : يعني قارون (فِي زِينَتِهِ) : قال الكلبيّ : خرج وعليه ثياب حمر مصبوغة بالأرجوان على بغلة بيضاء. وقال الحسن : خرج في صنوف ماله من درّ وذهب وفضّة ، وقيل : خرج في الحمرة والصفرة.
(قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) : أي المشركون الذين لا يقرّون بالآخرة : (يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (٧٩) : أي لذو نصيب واف.
(وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) : وهم المؤمنون للمشركين (وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ) : أي جزاء الله ، أي : الجنّة (خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) ممّا أوتي قارون ، (وَلا يُلَقَّاها) :
__________________
ـ أقرب إلى حقيقة التأويل.
(١) اللفظ يشمل كلّ مفسد في الأرض ، من مشرك ، وباغ ، وظالم ، ومفسد بين الناس وغيرهم من الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.