قوله : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٧٤) : وهي مثل الأولى.
قال : (وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) : أي جئنا برسولهم ، كقوله : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) (٤١) [النساء : ٤١] ، وكقوله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) [الإسراء : ٧١] أي : بنبيّهم ، وقال بعضهم : بكتابهم قال : (فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ) : أي حجّتكم ، في تفسير الحسن ، أي : بأنّ الله أمركم بما كنتم عليه من الشرك. وقال بعضهم : (هاتُوا بُرْهانَكُمْ) أي : بيّنتكم. قال : (فَعَلِمُوا :) أي يومئذ (أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ) : أي التوحيد (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٧٥) : يعني أوثانهم التي كانوا يعبدون.
قوله : (إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى) كان ابن عمّه ، أخي أبيه (فَبَغى عَلَيْهِمْ) كان عاملا لفرعون فتعدّى عليهم وظلمهم (وَآتَيْناهُ) : يعني قارون أعطيناه (مِنَ الْكُنُوزِ) : أي من الأموال (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ) : قال بعضهم : خزائنه ، يعني أمواله ، وقال بعضهم : مفاتح خزائنه (لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) : أي لتثقل العصبة (أُولِي الْقُوَّةِ) : أي من الرجال ، والعصبة الجماعة ، وهم ههنا أربعون رجلا (١).
(إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ) : إذ قال له موسى والمؤمنون من بني إسرائيل (لا تَفْرَحْ) : أي لا تبطر (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) (٧٦) : أي المرحين المشركين الذين يفرحون بالدنيا ولا يفرحون بالآخرة ، أي : لا يؤمنون بها ، لا يرجونها. وقال في آية أخرى : (وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا) ، وهم المشركون. وقال مجاهد : (لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) [المتبذّخين] (٢) الأشرين البطرين الذين لا يشكرون الله فيما أعطاهم ، وهو واحد.
(وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ) : أي من هذه النعم والخزائن (الدَّارَ الْآخِرَةَ) : أي الجنّة (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) : أي اعمل في دنياك لآخرتك ، في تفسير بعضهم. ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) ، أي : طاعة الله وعبادته (٣).
__________________
(١) وقال مجاهد في تفسيره ص ٤٨٩ : «العصبة ما بين العشرة إلى خمسة عشر».
(٢) زيادة من ز ورقة ٢٥٧ ، ومن تفسير مجاهد ، ص ٤٩٠.
(٣) وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١١١ : «مجازه : لا تدع حظّك وطلب الرزق الحلال منها». وهذا الوجه ـ