(وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) [النساء : ٣٦] ، قال : (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي) : أي إن أراداك على أن تشرك بي (ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما) : أي إنّك لا تعلم أنّ معي شريكا ، يعني المؤمنين. (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) : يعني يوم القيامة (فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٨).
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) (٩) : أي في أهل الجنّة.
قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) : أي صدّقنا بالله وأقررنا بالله (فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ) : ببعض ما يدخل عليه في إيمانه بالله وبمحمّد (جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ). رجعت القصّة إلى الكلام الأوّل : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) ؛ فوصف المنافق في هذه الآية الآخرة فقال : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ) أي : إذا أمر بالجهاد في سبيل الله فدخل عليه أذى رفض ما أمر به ، يعني المنافق ، واجترأ على عذاب الله ، أي : وأقام عن الجهاد ، فتبيّن نفاقه ، أي : جعل فتنة الناس ، يعني ما يدخل عليه من البليّة في القتال ، إذا كانت بليّة ، كعذاب الله في الآخرة ، [فترك القتال في سبيل الله واجترأ على عذاب الله] (١) وإن الله قد خوّفه عذاب الآخرة ، وهو لا يقرّ به.
[وقال مجاهد : هم أناس آمنوا بألسنتهم فإذا أصابهم بلاء من الناس أو مصيبة في أنفسهم أو في أموالهم افتتنوا فجعلوا ما أصابهم في الدنيا كعذاب الله في الآخرة] (٢).
قوله : (وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ) : أي نصر على المشركين ، فجاءت غنيمة (لَيَقُولُنَّ) : يعني جماعتهم (إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ) : أي يطلبون الغنيمة. قال الله : (أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ) (١٠) : أي إنّه يعلم ما في صدور العالمين ، ويعلم ما في صدور المنافقين من التضييع للفرائض وترك الوفاء بما أقرّوا له به (٣). (وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَ
__________________
(١) ما بين المعقوفين ساقط من ب وع فأثبتّه من سع ومن سح. وفي الفقرة اضطراب وتكرار أصلحته حسبما يقتضيه المعنى.
(٢) قول مجاهد هذا من أحسن ما أوّلت به الآية الكريمة ، لذا رأيت من المناسب ومن الفائدة إثباته هنا من تفسير مجاهد ص ٤٩٣ ، ومن سح وسع ، ومن تفسير الطبريّ ، ج ٢٠ ص ١٣٢.
(٣) كذا في ب وع. وفي سع ، وز ، وسح جاءت العبارة هكذا : «والعالمون الخلق كلّهم ، أي : إنّه يعلم أنّ هؤلاء ـ