موسى من قومه من الأذى.
قال : (وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) (٢٣) : تفسير الحسن : وجعلنا موسى هدى لبني إسرائيل. [وقال السّدّيّ : (وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) يعني التوراة] (١) ، قال الله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً) : أي أنبياء يقتدى بهم (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) : أي يدعون بأمرنا (لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) (٢٤).
قوله : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٢٥) : أي يفصل بين المؤمنين والمشركين فيما اختلفوا فيه من الإيمان والكفر ، فيدخل المؤمنين الجنّة ، ويدخل المشركين النار.
قوله : (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) : أي أولم نبيّن لهم. وهي تقرأ على وجه آخر : (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) أي : أي أولم يبيّن لهم الله (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ) : يعني ما قصّ ممّا أهلك به الأمم السالفة حين كذّبوا رسلهم. قال : (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) التي كانوا فيها ؛ منها ما يرى ومنها ما لا يرى ، كقوله : (مِنْها قائِمٌ) تراه (وَ) منها (حَصِيدٌ) (١٠٠) [هود : ١٠٠] أي : لا تراه. قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) : أي للمؤمنين (أَفَلا يَسْمَعُونَ) (٢٦) : يعني المشركين.
قال : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ) : يعني المطر ، أي : يساق السحاب الذي فيه الماء (إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) أي التي ليس فيها نبات (فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ) (٢٧) : يعني المشركين ، أي : فالذي أحيى هذه الأرض بعد موتها قادر على أن يحيي الموتى ويحييهم بعد موتهم.
قوله : (وَيَقُولُونَ) : أي المشركون (مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٨) : أي متى القضاء بعذابهم ، قالوا ذلك استهزاء وتكذيبا بأنّه لا يكون. وقال بعضهم : يوم بدر. وقال بعضهم : يوم القيامة. ولم يبعث الله نبيّا إلّا وهو يحذّر قومه عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
قال : (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ) : يعني يوم القضاء (لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ) : أي ليس أحد من المشركين يرى العذاب إلّا آمن ، فلا يقبل منه عند ذلك ، قال الله : (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ
__________________
(١) زيادة من سح ورقة ١٠٨.