فؤاده أن يطير لو لا أنّ الله يبعث ملكا فيشدّ قلبه (١).
قال : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً) : أي مشركا أو منافقا ، وهذا على الاستفهام. قال : (لا يَسْتَوُونَ) (١٨).
(أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى) : أي يأوي إليها أهل الجنّة ، وجنّة المأوى اسم من أسماء الجنّة. (نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٩).
قال : (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا) : أي أشركوا أو نافقوا (فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) : أي إنّهم إذا كانوا في أسفلها رفعتهم بلهبها حتّى إذا كانوا في أعلاها وأرادوا أن يخرجوا منها ضربوا بمقامع من حديد فهووا إلى أسفلها. (وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (٢٠) : أي في الدنيا. العذاب مذكّر ، والنار مؤنّثة ، وإنّما عنى هنا العذاب ، ولذلك قال : (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ).
قوله : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى) : أي السيف يوم بدر (دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) : أي جهنّم ، والأكبر الأشدّ (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٢١) : لعلّ من بقي منهم يرجع من الشرك إلى الإيمان ؛ فعذّبهم بالسيف يوم بدر ، ومنّ بعدهم على من شاء بالإيمان. وهذا تأويل من تأوّل الآية على المشركين ، ومن تأوّلها على المنافقين قال : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى) يعني إقامة الحدود في الدنيا ، وأكثر من كان يصيب الحدود المنافقون ؛ والسورة مكّيّة ، والنفاق إنّما كان بالمدينة بعدما فرض الجهاد والحدود والأحكام. قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) : أي المشركين (مُنْتَقِمُونَ) (٢٢). قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) : يعني التوراة (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ) : تفسير الكلبيّ : يعني ليلة أسري به ، فلقيه النبيّ عليهالسلام في السماء السادسة ليلة أسري به. وقد فسّرنا ذلك في حديث المعراج (٢).
وتفسير الحسن : (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ) أي : من أنّك تلقى من أمّتك من الأذى ما لقي
__________________
(١) رواه يحيى بن سلّام بالسند التالي : «حدّثنا أبان العطّار عن أبي هلال عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ...» الحديث.
(٢) انظر ما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية الأولى من سورة الإسراء.