القوم ذنوبهم فتيقّظوا من نومهم وتجافوا عن مضاجعهم.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أوصى معاذ بن جبل بأشياء فقال في آخر ذلك : والقيام من الليل (١) ، ثمّ تلا هذه الآية : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ).
ذكروا عن أنس بن مالك قال : كانوا يتنفّلون ما بين المغرب والعشاء ، يصلّون ما بينهما.
قال : (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) : أي خوفا من عذاب الله وطمعا في رحمته ، يعني الجنّة. (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (١٦) : أي الزكاة المفروضة.
قوله : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٧) : أي على قدر أعمالهم. ذكروا أنّ الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنّة : ادخلوا الجنّة برحمتي واقتسموها بأعمالكم.
ذكروا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قال الله تبارك وتعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. اقرأوا إن شئتم قول الله : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ). وإنّ في الجنّة شجرة يسير الراكب في ظلّها مائة عام ما يقطعها ، اقرأوا إن شئتم : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) (٣٠) [الواقعة : ٣٠] ، ولقاب قوس أحدكم من الجنّة وموضع سوطه خير من الدنيا وما فيها. اقرأوا إن شئتم : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) (١٨٥) [آل عمران : ١٨٥] (٢).
ذكروا عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ العبد ليعطى على باب الجنّة ما يكاد
__________________
(١) كذا في ب وع ، وفي سح : «والصلاة من الليل» ، واللفظ من حديث طويل رواه أحمد والترمذيّ والنسائيّ وابن ماجه عن معاذ بن جبل قال : «كنت مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم في سفر ...» إلى آخر الحديث ، وفيه : «ألا أدلّك على أبواب الخير ، الصوم جنّة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ النار الماء ، وصلاة الرجل في جوف الليل ، ثمّ قرأ : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ). انظر مثلا سنن ابن ماجه ، كتاب الفتن ، باب كفّ اللسان في الفتنة (رقم ٣٩٧٣).
(٢) حديث حسن صحيح أخرجه الترمذيّ بتمامه في كتاب التفسير ، سورة الواقعة ، وأخرجه البخاريّ في كتاب التفسير ، سورة السجدة ، وأخرجه مسلم في كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها في أوّل الكتاب (رقم ٢٨٢٤) كلّهم يرويه من حديث أبي هريرة ؛ كما أخرجه أحمد والنسائيّ وابن ماجه بألفاظ مشابهة.