فجعلت له مثل الطست ، يقبض أرواحهم كما يلتقط الطير الحبّ. وبلغنا أنّه يقبض روح كلّ شيء في البرّ والبحر. قال : (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (١١) : أي يوم القيامة.
قوله : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ) : أي المشركون والمنافقون (ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : أي خزايا نادمين (رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا) : أي يقولون : أبصرنا وسمعنا ، أي : سمعوا حين لم ينفعهم السمع وأبصروا حين لم ينفعهم البصر. (فَارْجِعْنا) : أي إلى الدنيا (نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) (١٢) : أي بالذي أتانا به محمّد أنّه حقّ.
قوله : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) : كقوله : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) [الرعد : ٣١]. قال : (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (١٣).
ذكروا عن أبي هريرة قال : اختصمت الجنّة والنار ، فقالت النار : يا ربّ ، أوثرت بالجبّارين والمتكبّرين. وقالت الجنّة : يا ربّ ، ما لي لا يدخلني إلّا ضعفاء الناس وسقّاطهم. فقال للنار : أنت عذابي أصيب بك من أشاء ، وقال للجنّة : أنت رحمتي أصيب بك من أشاء ، ولكلّ منكما ملؤها بأهلها. أمّا الجنّة فإنّ الله لا يظلم الناس شيئا ، وينشئ لها ما شاء من خلقه ، وأمّا النار فيقذف فيها فتقول : هل من مزيد ، ويقذف فيها فتقول : هل من مزيد (١).
قال : (فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) : أي بما تركتم الإيمان بلقاء يومكم هذا (إِنَّا نَسِيناكُمْ) : أي تركناكم ، أي : في النار ، تركوا من الخير ولم يتركوا من الشرّ. (وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ) : أي الدائم الذي لا ينقطع. (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٤) : أي في الدنيا.
قوله : (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) : أي في سجودهم (وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) : (١٥) أي عن عبادة الله.
قوله : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ). ذكروا عن الحسن قال : هو قيام الليل. ذكر
__________________
ـ وهو خطأ صوابه ما أثبتّه من سح ومن تفسير مجاهد.
(١) كذا في ب وع : «فتقول هل من مزيد» مرّتين ، وفي سح ورقة ١٠٥ : «وأمّا النار فيلقي فيها وتقول : هل من مزيد ، فيضع قدمه فيها فحينئذ تمتلئ وينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط».