الشرك ، إن أبقى (١) الله أهل الفراق ولم يكابروا عقولهم ؛ إذ يقول : (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها) ، يعني المنافقين ، والفتنة تعني الشرك ، (لَآتَوْها) أي : لجاءوها ولأعطوها. فكيف يسألون الشرك وهم عليه ، وكيف يجيئون إلى الشرك ويعطونه من طلبه منهم وهم عليه ، فليتّق الله أهل الفراق لنا وليعلموا أنّ المنافقين ليسوا بمشركين ، وقد برّأهم الله من الشرك في هذه الآية وأخبر أنّهم لو دخل عليهم من أقطارها ، يعني من نواحيها ، (ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ) أي : الشرك (لَآتَوْها) أي : لأعطوها ولأتوه. ما أبين هذا بنعمة الله وبحمده.
قوله : (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ) : ذكروا أنّ جابر بن عبد الله قال : بايعنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن لا نفرّ ولم نبايعه على الموت. (وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً) (١٥) : أي يسألهم الله عن ذلك العهد الذي لم يوفّ به المنافقون.
قال : (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ) : أي في الدنيا (إِلَّا قَلِيلاً) (١٦) : أي إلى آجالكم.
قال : (قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ) : أي يمنعكم من الله (إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً) : أي عذابا. [وقال بعضهم : القتل أو الهزيمة] (٢) (أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً) : أي توبة ، يعني المنافقين. كقوله : (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ) أي : الذين يموتون على نفاقهم فيعذّبهم (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) [الأحزاب : ٢٤] أي : أو يمنّ عليهم بالرجعة فيرجعون عن نفاقهم. [وقال بعضهم : النصر والفتح] (٣) قال : (وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا) : أي يتولّاهم فيدفع العذاب عنهم (وَلا نَصِيراً) (١٧) : أي ينصرهم ممّا ينزل بهم من العذاب.
قوله : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) : أي يعوّق بعضهم بعضا ، أي : إذ يأمر بعضهم بعضا بالفرار (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا) : أي يأمر بعضهم بعضا بالفرار (٤). (وَلا
__________________
(١) كذا وردت هذه الكلمة : «إن أبقى» في ب وع ، ولم أوفّق إلى تصحيح ما فيها من تصحيف أو خطأ. وهذه الفقرة كلّها في الردّ على «أهل الفراق» من كلام الشيخ هود بن محكّم فقد انفردت به مخطوطتا ب وع.
(٢) زيادة من سح ، ورقة ١١٦ ، ومن ز ، ورقة ٢٧٠.
(٣) زيادة من سح ، ورقة ١١٦ ، ومن ز ، ورقة ٢٧٠.
(٤) كذا وقع تكرار هذه الجملة في ب وع وفي سح.